عن الخطأ والصواب
“أخطأتَ
أخطأتَ ؟”
صاحت الساحرات
*
للصواب قال الخطأ:
معذرة
للخطأ قال الصواب:
معذرة
ما الذي ينبغي أنْ أقول؟
*
هناك في الطريق
من يرى الصواب
برفقة الخطأ؟
*
أخطائي واقفة
ممّ ترى تحرسني؟
*
حتّى في أحلامي
ثمة خطأ
*
سأضع حدّاً لأخطائي
باقتراف الخطأ
*
كلمني الصواب مرة
وقال:
“أنا خطؤك المقيم”
*
قلْ لي:
أثمة من يفرح بأخطائه؟
*
خطأ صغير
يتشبث بي
ويبكي
*
تمهّل أيها الصواب
لا تسرعْ أيها الخطأ
العربة الخفيفة
لا تنتظر حصانين
*
يا لأخطائك الكثيرة
أيّها الصواب؟
*
الخطأ
أخافَ الصواب بالصراخ
اسكتوه!
*
دائماً
صوابي يقود إلى الخطأ
لماذا؟
دائماً
خطئي يقود إلى الصواب؟
لماذا؟
*
– من رأى الخطأ
يسير في جنازة الصواب؟
*
لماذا لحى أخطائي
بيضاء؟
*
لماذا يفتخر هذا الصواب الغبيّ
بأخطائه؟
*
من منهما على صواب:
الخطأ حين يصيب
أم الصواب إذ يخطئ؟
*
يا صوابي الخاطئ
أين تقودني؟
*
ما الذي يجعل الصواب نادماً
بعد كلّ احتفالاته؟
*
أخطائي تقهقه
كيف تُرى
أوقفها؟
*
لتنتشلوا
هذا الصواب السابح في أخطائه
من الغرق
*
علام يحتدّ هذا الصواب
الهاذي بالأخطاء؟
*
لا تحتدّ يا صوابي
الخطأ بانتظارنا
*
الجميع ينطقون بالصواب
من ينطق بالخطأ؟
*
لماذا
لماذا الندم
ولا خطأ هناك؟
*
كيف سأعتذر للموتى عن أخطائي
*
أورثوني اخطاءهم
وجلسوا هناك
يرقبونني
*
الطريق الخطأ
أ كان عليّ أنْ أقطع آلاف الأميال
لأصل إلى بيتي؟
وأجتاز حياتي بأكملها
لأصل إلى حبيبتي؟
والنساء أجمعهنّ
إلى التي لا أحبّ؟
وأنْ أطفئ عينيّ بكنوز لم ارها
لأبلغ التراب الذي اتيتُ منه؟
وأنْ
وأنْ
دائماً في الطريق الخطأ
طائر
أخطأتَ.. أخطأتَ
– صاح الطائرً-
ليس مع الله
ليس مع الناس
بل مع نفسكَ أنتَ
هل تعرف ذلك؟
هل تعرف؟
ثمّ مضى مندفعاً
أين مضى الطائر؟
كان هناك
– كما في الحلم –
على مقربةٍ منّي
سماءٌ خالية
أغصانٌ جرداء
أوراقٌ تتطاير
تراها أخطائي؟
ما من خطأ
ما من خطأ
لكن أخطأتَ
حين قصدتَ البحر
فألفيتَ الصحراء
حين اجتزتَ الصحراء
فألفيتَ القلعة
حين دخلتَ القلعة
فقابلك الوحش
حين هزمتَ الوحش
فنادتك الحسناء
حين حضنتَ الحسناء
فألفيتَ رماداً
ما من خطأٍ
لكن أخطأت
أيهما أشق؟
آلام الجسد اختبرتها
آلام الروح اختبرتها
ولو سُئلتُ
أيهما أشقّ؟
لما أجبتُ
متطلعاً إلى جسدي
بعينين مطرقتين
اكتمال
ها هي النافذة
تلك هي الشجرة
والساحة تلك
وأنا
تلك مصطبتي
والحمامة
والشمس …
ما من خطأٍ أبداً
صوت
خطأٌ
خطأ
خطأ
خطأٌ
خطأ
سيتردّد هذا الصوت
كبندول الساعة
ولن يتوقّف
أبداً
سؤال
لماذا
أرادني الخطأ
أن أكون جواباً؟
مقارنات
علّمتني المنافي
أن أقرن بلداً ببلدٍ
ومنزلاً بمنزل
وخطأ بخطأ
ماذا لو كنتُ هنا؟
ماذا لو كنتُ هناك؟
ما يحدث لي لو أني؟
وهكذا
حتى صار ذلك لي عادة
فإن ذكر خطأ
قارنته بآخر
وإن لم يُذكر
قارنتُ
(ماذا قارنت؟)
ولا أدري
لماذا تبوء مقارناتي بالفشل كثيراً
ولا سيّما تلك التي تتعلق بأخطائي
ولا تتعلق بي
وجوه
بعد عشرين عاماً
ربّما
أقلّ
ربّما
أكثر
قد تصادفك الوجوه التي أحببتها يوماً
فتسأل :
أين اختفت البسمة؟
أين اختفت التقطيبة بين الشفتين؟
أين الخصلة تلك؟
الغمازة في الوجه الضاحك؟
والنظرة؟
حين تمدّ إليك يدها
أين اختفت النظرة
أين؟
شمس
تحت شمس الكراهة
ما أثقلها من شمس!
دائماً
أحتفظ بظلّ.
قد تلامس أطرافها (الشمس) قدميّ
قمة رأسي
لكنّها لن تصل القلب أبداً
وإنْ وصلته يكن بارداً
وقد يهتزّ الظلّ
فأهتزّ معه
حتّى نهدأ
آنذاك
أتطلع في الشمس
وأطرق..
إثر عملية جراحية للعين
الشجرة تضئ
النبتة تضئ
السماء تضئ
وعيني تضئ
فجأة
اراني أسير
ولا أثر لي
ضوء
ضوء
ضوء
تراني أسير في الهواء؟
2
نملٌ أسود
في العشب أراه..
هناك
وتلك الحبّة
صفراء
وأبيضُ ذاك الدرب
كأفعى يلتفّ
وزرقاء
هي البقعة
يعبرها الطائر
والأزهار
سأغمض عينيّ لأبصرها ثانية
لامعة
حمراء
تبلّلها..
نافورة ماء
3-
جاءني
(من ترى..؟)
بعصاً
قلتُ:
“شكراً”
وألفيتني
في مكانٍ فسيحٍ
وقطعان ضوءٍ
ترافقها الشمس
قلتُ:
سلاماً عصاي
سلاماً
مباركة أنتِ
مرعاك قطعان ضوء
سنطعمها حزمة من ظلام
هامشٌ للعين
أين هو الخطا؟
قالت العين
والتفتتْ إليّ
لم أقل شيئاً
أطبقتُ أجفاني عليها
ونمت
جزيرة
الصحارى السبع
والبحار التي كالصحارى
أ كان عليك أن تقطعها
لتبلغ آخر عمرك
هذه الجزيرة؟
صفحات
يا للبؤس!
حين أتصفح ماضيّ
فأرى صفحاتٍ بيضاء
صفحاتٍ كثيرةٍ بيضاء
بحروفٍ كبيرة لا تُقرأ
من كتبها؟
أنا؟
غيري؟
نحن الاثنين؟
من؟
سفر
في الطريق الطويل الذي قطعته
كان ثمة سهول
وأضرحةٌ
وبشر
ينتظرون
ماذا ينتظرون؟
كنتُ أسير
اسير
ولا أنتظر أحداً
أ حقّاً؟
كنتُ لا أنتظر أحداً؟
يا للرعب!
المسافر
في عربة قديمة
على مقعدٍ قديم
يتطلّع المسافر..
تراه مبتهجاً بما يراه؟
تراه يستعجل الوصول؟
تراه ذلك الشبح القادم
عند نهاية رحلته
ليصافحني؟
أيها المسافر!
أيّها المسافر!
مقصلة تلوح
في نهاية الطريق؟
أسئلة الأخطاء
ما الخطأ
في توقّف ساعةٍ
بانتظار الزمن؟
ما الخطأ
في ارتفاع جسد
قلعة للروح؟
ما الخطأ
أن تأتي شجرة بجناحين
وطائر بغصن؟
*
ما الخطأ
أن ترتفع راية
ولا أحد هناك؟
*
ما الخطأ
أن تقول للمرأة التي تحب
أكرهك؟
*
ما الخطأ
أن تقول للهواء
أيها البحر!
وللبحر
أيها الهواء!
*
ما الخطأ
أن يقول الخطأ للصواب
يا قناعي؟
زيارة
أعرفك أيها الخطأ
دائماً
بوردةٍ تجئ
في القطار الخطأ
في القطار الخطأ
في القطار الصاعد أبداً
الهابط أبدا
المسرع
الذاهب شرراً في نفق الليل
القادم شرراً في نفق الليل
في القطار
في القطار الخطأ
احتجاج
دقّت الساعة
فاحتجّ الوقت:
“خطأٌ
خطأٌ”
ثمّ عاد إلى صمته من جديد..
الوقت
ضياع أثر
صوابي يقطع نصف الطريق
وخطئي أيضاً
وقد اقطع أنا نصف الطريق الآخر
ولا أجدهما
تفكير
أراد أن ينتقم من غفلتي ساهماً في المقهى
ليُضحك روّادها
– بم تفكّر؟
قلتُ:
– بكَ.
لم يضحك
حين ضجّ الجميع بالضحك
بداية
لن أبدأ بأخطائي أبداً
بل بذلك الصواب
الذي جاءني
من بعيدٍ
كضيف غريبٍ
كخطأ فاحشٍ
ليطرق بابي
في ليلةٍ
ممطرة
صوت آخر
“هيهات
هيهات!
لن يكون الخطأ
لن يكون
لن
أبداً
أبداً”
يا للعنة..!
هذا الصوت
سمعته..أين؟
خشية
حين أتذكّر اخطائي
وهي كثيرة
أتلفّتُ حولي وأسأل؟
أ لمْ يرني أحدٌ؟
أ لمْ يرها أحدٌ؟
أبداً
يا للموتى!
مطرقون أبداً
خطأ بقوة الصواب
انتظرْ!
انتظرْ!
ذلك الخطأ الذي لم يندمْ
سيأتيك بقوّة الصواب
وسيجرفك بعيداً
بعيداً
بعيداً
تسلّل
ماذا أفعل وقد كثرت أخطائي؟
بمَ أبدأ؟
يا لذاكرتي!
بدأت أخطائي تتسلّل..
هاربة
في المكان الخطأ
في المكان الخطأ
دائماً تنتظرْ
ما الذي تنتظرْ؟
شبحاً مرّ لامرأةٍ مرّة؟
روحَ ميْتٍ تعودُ؟
وما النفعُ في الروح
في شارعٍ يتزاحم بالناس؟
ما نفعُ روحٍ
وأنتَ هنا الآن
أنتَ هنا أمس
أنتَ غداً
والزمانُ يضيق
وينشرُ ألواحَهُ في المكان
الزمان
ولا يستقرّ
ما الذي تنتظرْ؟
مخاطبات الأخطاء
“كيف تراهن على خطأ
صوابه أنت”
قال لي ومضى
*
وقال:
ما رأيت صواباً إلاّ وأغريته بالخطأ
*
وقال:
هلكت
هلكت
ولم أعرف الخطأ بعد
*
وقال:
ماذنبُ شجرة
لا تعرف الخطأ
*
وقال:
أيتها الأشجار
ارجميني
بأوراقك أنا الخاطئ
*
وقال:
تعرّي
تعري أيتها الأشجار
ولا تنتبهي لخطأ السحابة
*
وقال:
ما من مكان موحش
تسكنه الأخطاء
*
وقال:
خطأ يلهو بالصواب
وصواب يجدّ بالخطأ
*
وقال:
الحياة بلا أخطاء
كأخطاء بلا حياة
*
مرةً جاءني
بباقة أخطاء جميلة
وقال:
هذه لعافيتك
*
وقال:
لو طردتَ أخطائي كلها
لما وجدت الصواب
*
وقال:
كيف أنجو بخطأ
وأهلك بصواب؟
*
وقال:
كل صواب لا خطأ فيه ليس صواباً
كلّ خطأ لا صواب فيه ليس خطأ
*
وقال:
الصواب الكثير من الخطأ
بضاعة
قال:
صواباً تريد أم خطأ؟
قلت:
– وهل هما بضاعة؟
قال:
– ولم لا؟
اتجاهات
باتجاه الجنوب
باتجاه الشمال
باتجاه الشمال جنوباً
باتجاه الجنوب شمالاً
باتجاهي
باتجاهاتكم أنتم القادمون إليّ
باتجاهات من غادرونا إلى جهةٍ
لم تكن
أو تكون
ومن عبروا دون أن يتركوا جهةً خلفهم
من أقاموا بلا جهةٍ
أو جهاتٍ
ومنْ
سيقيمون
قبل ثلاثين قرناً
ومنْ في القصيدة كانوا على خطأ
أو يكونون
أو….
نهر
على النهر جندٌ أشدّاء
نهر العبور،
إلى ضفّةٍ
لا حياة ولا موتَ فيها
ولا أحدٌ
فلماذا أذن كلّ هذي الحشود من الجند
– لا بدّ
في الأمر، يا صاحبي، خطأ
قال:
– لا بدّ
لكنّني
لا أرى النهر
والجند
حتى ولا العابرين
فمن اين؟
من أين جاء الخطأ؟
القصيدة الواقفة على رأسها
على جبلٍ
شرفةٌ لا تطلّ
ووادٍ تعلّقَ
والقمة انحدرتْ
والصاعدون همو الهابطون
ومنْ شاقهُ أن يرى جبلاً
أ يسمّي الذي يبصر الآن،
من سفحه،
جبلا؟
خطأ
خطأ
ويعرف أنّه خطأ
ويعرف أنّه سيعود ثانية إليهِ،
ثالثة
ورابعة
وخامسة
ويعرف أنّه الجرمُ الفظيع
بحقّ نفسه،
يعرف الخشبَ الذي يوماً
سيُصلبُ فوقهُ
ويهزّ أغصاناً عليهِ
ويحضن الشجرهْ
ويعرفُ ما يراهُ..
ولم يرّهْ
طريق
طريق طويل
بين حائطين
ودغل
طريق مهجور
إلاّ
من سكة قطار ضائع
طريق طويل
بين حائطين
لماذا
مازلت أقطعه في الأحلام؟
قبور الأخطاء
أخطاء
كحدبات على الأرض
تقول:”أنا القبر”
لكن
وكما في الأحلام
يحدث أن أجد نفسي في الجهة الأخرى
“آه..
نجوتُ إذن!”
ولم أنجُ
فعلى مبعدة
ثمة أخطاء أخرى
حدبات أخرى
“أوه
أين أنا؟”
لكن وكما يحدث في الأحلام
يحدث أنْ….
عن الموتى
أوه..!
أين ذهبت أخطاء الموتى؟
تأنيب
يا لعذابي!
كيف أعتذر لمن أحبّ
وقد مات؟
فضيلة
للخطأ فضيلته أيضاً
فما يدريك؟
ما ستجلبه المرأة لو لم تخطئ معها
الرجل لو لم يخطئ معك
الطريق لو لم تقطعها خطأ
إلخ..
إلخ..
إلخ
ولعلّ أكثر أخطائك فضيلة
هو
منفاك!
لون
قد تأتي أخطائي
بألوانٍ شتّى:
لكنْ
ما أفتقدهُ هو الأبيض
أين هو اللونُ الأبيض؟
أما من خطأ أبيض؟
لعلّه ذاك المتواري خلف الأسود
لعلّه ذاك المتواري خلف..
لعلّه ذاك..
لعلّه..
أين هو اللون الأبيض؟
تسمية
“خطأ لا يغتفر”
كيف نسمّيه إذن:
خطأ؟
أسوأ من الخطأ
خطأٌ صوابك
أيها الخبيث
التزين بالأخطاء
هذه المرأة
الجالسة أمام المرآة
حتام تتزيّن بالأخطاء؟
الكلمات الخطأ
بالكلمات الخطأ
يقول الصواب
ثلمة
حين أغلق في غرفتي كلّ شئ
تظلّ ثلمة في الستارة
( هي خطأ ربّما)
لا أغلقها
خلفها..
– عبر ضوء الزجاج الخافت في الليل-
تلوح أغصان مورقة
أ هي حديقتي؟
تطلّع
تتطلع في المرآة
هل تدري: إنها تتطلع في المرآة؟
أين الخطأ؟
في قصة ليلى والذئب
اين الخطأ؟
في ليلى؟
في الذئب؟
في الغابة؟
(لماذا الغابة؟)
في السلّة يملؤها كعك الأمّ؟
في الجدّة؟
في..؟
أين الخطأ؟
ليلى والذئب
لستُ أباً لكِ
أرجوكِ !
أنا الذئبُ القابعُ في الغابة
مسروراً
فتعالي إن شئتِ بسلّة كعْكٍ
وتعالَي إن شئتِ تكونين الجدّةَ
إن شئتِ تكونين
تعالَي
أو ..
لا
فأنا الذئبُ القانع مسروراً
في الغابة
لكنْ
ماذا أبصرُ؟
أيّة خشخشةٍ أسمعها الآن؟
تُرى ماذا أبصرُ؟
من أين أتت تلك الجدّة خلفَ الأشجارْ؟
ساحة في دمشق
في الساحة الفارغة الآن
البعيدة الآن
كان ثمة زقاق ضيّق
ومنزلٌ قديم
وغرفة مائلة
(لامرأة وحيدة)
في طابق أعلى ..
هناك
حيث الستارة تصطفق
طيراً ذبيحاً جوار السرير
في الساحة الفارغة الآن
البعيدة الآن
في دمشق
خطأ كبير
ثمة
خطأ كبير على الأرض
بسعة السماء
من يزحزحه؟
هؤلاء
هؤلاء
الذين يحسبون لك ألف حساب
(أعداؤك)
أ هم على صواب؟
هؤلاء
الذي لا يحسبون لك حساباً
(رفاقك)
أ هم على خطأ؟
قاطع تذاكر
في مسرح الأخطاء
من رأى الصواب
يقطع التذاكر؟
المعصومون
الابن الذي لا يخطئ
والزوجة التي لا تخطئ
والرعية التي لا تخطئ
كم مخيف أن يحدث هذا!
خطأ واحد
خطأ واحدٌ
لا أغفرهُ لنفسي أبداً
هو أني لا أقدر أن أفعل شيئاً
لتجنّب أخطائي
قصيدة قديمة عن الخطأ: مذبذب
قلت: هذا خطأ الاثنين
وامتدّتْ إلى القاتل كفّاك
حملتَ الخشبَ اللامعَ والمنشار
سوّيتَ الصليبين
وعلّقتَ القتيل
*
قلتَ: هذا خطأ الآخر
قلتَ: النجمُ قد يخطئه السالكُ في الظلمة،
قلتَ: الشجرُ الآتي الدليل
ثمّ حاذيتَ الطريق
وتقلّبتَ صديقاً
مائلاً سكرانَ ما بين صديقٍ وصديقْ
1978
الصدفة العجيبة
إنها لصدفة عجيبة حقّاً
– مساءُ صدفة عجيبةٍ-
بعد عشرين عاماً
قبل عشرين عاماً
في باصٍ مكتظّ
ما الثوب الذي كانت ترتديه؟
ما الحقيبة التي كانت تحمل؟
كان ثمة ضوء ينسحب
وعينان تلتمعان
حينما استدرتُ
تماماً
قبل أن ينعطف الباص
– أوه..من قال لي ان أهبطَ ؟
ما لا يحدث مرتين
صدفة واحدة
لا تحدث مرّتين
حتى لو حملتَ المدينة بأكملها
إلى بيتك
وأجلستها هناك
على كرسيّك الفارغ
لتعترف
شارعاً شارعاً
وامرأة امرأة
لن تعثر عليها أبداً
تلك التي انبثقت ناراً
وانطفأت
أيها المغفّل
رماد على راحتيك
اغتسلْ
فرص
الفرص
لم تكن ذكيّا في اقتناصها
وهذا ما يحدث لك أيضا
في الشعر
فإن صدف أن علقتْ بشراكك بضع طرائد
(أو بضع قصائد)
فلأنها جاءت هاربة .
بحقّ السماء
قل لي: من أنت؟
عربة
هكذا أنت دائماً
تضع العربة أمام الحصان
وتصرخُ بالحوذيّ:”انطلقْ!”
وحين تصل
لا تجد عربة ولا حصاناً
والحوذيّ
لعلّهُ أنت
لحظة
لحظة
هي الابديّة
كِذبتُها
نصلُها وهو يُغرزُ في جسد الوقت
موجتُها وهي تجري إلى حتفها
وقفتي عند منحدر الليل
والباص يهوي
حاملاً جثة الابدية
مبتعداً
في الضباب
غطّها بالأزاهير
غطّها
بالأزاهير
بالدمع
– إن شئتَ-
واخرجْ إلى الضوء
مبتهجاً بالنهار
وإن شئتَ
فاجعلْ من النجم شاهدة
لن ترى الليل
– حينئذٍ-
غيرَ ليلٍ
وتلك السماءَ البعيدة
غيرَ السماء
وجه
الوجه الذي أحببتَه مرّة.. الوجه الجميل لن تراه ثانية، في هذه المدينة المكتظة أبدا، حيث الحانات يؤمّها الجميع (الموتى أيضاً).
فارغة أو مكتظة لن ترى ذلك الوجه الجميل الذي رأيته مرّة..أبداً.. أبدا.. وقد يطلّ، صدفة، بعد عام .. عامين .. عشرين عاما.
وقد يعود شبحاً يطوف حولك ولا تراه.
وقد تعود شبحاً أنت.. أنت الجالس الآن في حانةٍ تخاطب الأشباح.
عبد الكريم كاصد :شاعر عراقي مقيم في لندن وكان لفترة أقام في اليمن الجنوبي كلاجئ .