أنا واحد من شعراء الفيسبوك المغمورين،
الشعراء الذين بلا دواوين،
وبلا عمود صحفي،
الشعراء الذين لا يعرفهم أحد،
ولا يظهرون أبدًا على شاشات التلفاز،
الشعراء الذين لا يرتدون ربطة عنق،
ولا يضعون سيقانهم فوق سيقانهم الأخرى،
وهم يتحدثون بلغة مبهمة،
ومصطلحات مهجورة.
أكتب الشعر
بطريقة بسيطة
وسهلة،
دون تطرف،
ودون تخطيط مسبق.
كلماتي مسموعة كصراخ الممسوسات،
وأفكاري مشاعة كالفضائح.
أكره التطبيل والمطبلين،
وأحب الشمس في الشتاء،
وارتشاف الشاي ساخنًا،
وأنا أتأمل الطريق الإسفلتي
في محاولة يائسة
لتعداد السيارات المارقة.
أنا واحد من أولئك الشعراء التعيسين
الذين ألفوا الحزن
كما يألف مرضى السكر لحقن الإنسولين،
الشعراء المكللين بالخيبة
وبالهزائم،
الشعراء الذين ربما يصلحون لأشياء أخرى،
لكنهم لا يصلحون أبدًا
للذهاب إلى الجبهة.
أنا بالقرب من محطة وقود مهجورة،
يسكن هنا
نازحون من الجيل الأول.
بمناجلهم المثلومة،
ثمة أرامل نحيلات
ينحنين لجمع الحشائش،
تملك إحداهن عجيزة مكتنزة
ومتماسكة.
دون أن أستطيع رؤية شيء،
أسمع نعيبًا حادًا لغراب مهاجر،
وثغاء شاة، أخمن أنها هزيلة.
أحظى أحيانًا بمشاهدة ثدي امرأة،
وأطفال في الرابعة أخمن أيضًا
بخيط من المخاط مدلى من أنوفهم المحمرة.
أشاهد أيضًا دراجتين ناريتين عاطلتين،
يبدو أن سائقيهما
ماتا بفعل الحرب،
أو بجرعة كبيرة من مضادات الاكتئاب،
أو منشطات الجنس.
هناك أيضًا قمر صغير
يظهر ويختفي، ربما يضاجع غيمة.
جئت إلى هنا طمعًا في السكينة
وكتابة الشعر.
الموتى دائمًا يمزقون حبال تأملاتي بثرثرتهم.
بين فترة وأخرى أسمح لجثتي بالتنزه،
وأيضًا بكتابة قصيدة.