شعر ونثر

قصائد

 

(١)
‏عليك أن تحبيه
هذا الرجل الذي يخرج من حياته كل ليلة صوب مخيلته المطوقة بأشواك فتنتك..
عليك أن تحبيه
هذا المغامر الذي
يسلك أوعر دروب المجاز ويخوض أشرس معارك النثر و يتسلق أخطر قصائد العشق
فقط كي ينال قطفة عطر من فراديس جسدك.
عليك أن تبتسمي له
هذا المخبول الذي يشتعل شعراً لملمسك.
(٢)

للفنان العالمي سلفادور دالي
للفنان العالمي سلفادور دالي

‏لم أقصد أن أكون شاعراً
كل مافي الأمر،
أن هذه البلاد التي شيدتني منذ الطفولة حلماً حلماً،
عادت لتهدمني قصيدةً قصيدة.
(٣)

 

‏حين أكون شاعراً، لاشيء يشبهني سوى كلب ينبح في وجه الفراغ.
(٤)
‏أشعرُ بالقلق بشأن مصيري،
أنا الذي- في يومٍ بعيد –
 ذهبتُ كي أغيّر العالم
و لم أعُد حتى الآن.
(٥)
‏و يموت الحب أيضاً عندما يفقد طرفاه قدرتهما على إنتاج المحادثات اليومية التافهة.
(٦)

للفنان العالمي سلفادور دالي
للفنان العالمي سلفادور دالي

‏يوم طويل آخر من التعب،
أقف عند نهايته أمام المشهد المعتاد على المرآة ،
إحصاءٌ بطيء لما تبقى مني:
وجهي الغائم، هندامى الرث.
كثبان البياض التي تطغى على شَعري،
و صدري المهجور والموحش.
هناك أيضاً
أزرار قميصي التي تقطعت شوقاً لغوايات أصابعك.
(٧)

للفنان العالمي سلفادور دالي
للفنان العالمي سلفادور دالي

‏كنت أعلم منذ البداية بأنكِ لن تكوني لي أبداً ومع ذلك لم أستطع أن أمنع نفسي من الغرق في لجة عشقي العميق لك..
كان هذا العشق هو سبب تعاستي، و منبع الشعر في كتاباتي،
و في المقابل،،
كان ذلك الغرق هو سبب بقائي حياً حتى هذه اللحظة.
(٨)
‏حتى أذكى محققوا الجرائم
لن يعرفوا أبداً أن بندقية عينيك هي من أطلق النار على حزني.
(٩)
‏لا زلت حتى اليوم لا أفهم كيف كان حبك رائعاً و مدمِراً في الوقت نفسه .!
(١٠)
‏لستُ نبياً،
لكن السفر إلى عينيكِ اسراءٌ في سماواتٍ مُلبّدةٌ بالرهبة والغموض،
لستُ نبياً،
لكن النزوح إلى شفتيكِ مِعراجٌ إلى سقف اللذة وسِدرة المُشتهى،
لستُ نبياً، لكنكِ رسالة الله لي،
ومُعجزتي
وكل أتباعي.
(١١)

للفنان العالمي سلفادور دالي
للفنان العالمي سلفادور دالي

‏أنقي آثامي بغربال المغفرة،
و مثل كل مرة
يفرغ الغربال إلا من حبي لك،
أنت وجعي النقي
و ذنبي الذي لا يغتفر.
(١٢)
‏أردت حرباً مختلفة
أخوض فيها اشتباكات مع رتل من القصائد المصفحة
وأقع فيها أسيراً في قبضة أغنية
أردت حاجزاً أمنياً تفتشني فيه رواية بوليسية
وكميناً تنصبه لي رقصة لاتينية
أردت مدينة ترتفع فيها احتمالات أن تغتالني قبلة
أردت وطناًعادلاً
أنخرط لأجله بمظاهرة للذئاب
وأُقتل فيه لأجل وردة.
(١٣)
‏أحياناً
أفتقدك دون أن أدري
فأصبح حينها صبياً غاضباً و مضطرباً،
أحطم الأشياء و أفتعل الشجارات و أصرخ لأتفه الأسباب،
وفي ذروة الليل
تنهار ركبتيَّ من التعب و من الندم،
ثم أغرق بعدها في البكاء..
أحياناً
أصبح شيطاناً
حين أحن إليكِ
من وراء ظهري .
(١٤)
‏لا شيء يتغير
الرغبة والندم نفسه،
الأصدقاء
والطعنات نفسها،
الإنتظار
والغصة نفسها،
الشعر
والكلمات نفسها،
الوطن
الهراء والشعارات والهزائم نفسها،
السعادة
والخدعة نفسها،
المرايا
والمفقودين نفسهم،
الحب
والجنون والملل نفسه،
لاشيء حقاً يتغير
حتى أنا
لازلت كما كنت دائماً:
المُتغير نفسه.
(١٥)
‏تلمعُ عيناكِ مثلَ قطعةٍ نقديّةٍ ضائعةٍ فوقَ طريقٍ مُعَبَّدة
مثلَ قطعةٍ نقديّةٍ لم يجدْها الولدُ النازحُ، فأمضى يومَه يحدّقُ في عينيكِ
ونسيَ مدينتَه..

تلمعُ عيناكِ..
فتهبُّ على القُرى ريحٌ جليديّةٌ
ويتحوّلُ الناسُ إلى دُمًى بيضاءَ بقلوبٍ سوداء
ثمّ تلمعُ عيناكِ
فتخرجُ نيرانٌ من المغارات
ولا تجدُ يدَ رجلٍ صالحٍ تردُّها إلى مغاراتها
فتذوبُ الدُّمى البيضاء
ويذوبُ الولدُ النازحُ
ويبقى قلبُه في حضن نخلةٍ عجوز
كي يتحوّلَ إلى قلبٍ أخضرَ كلّما لمعتْ عيناكِ

***********

التاريخُ الذي لم يَكتبْ عن المرّة الأولى التي لمعتْ فيها عيناكِ هو التاريخُ الذي تجمّدَ وذابَ قبلَ أنْ يفهمَ ذلك.

الصخرةُ التي لم ينبجسْ منها الماءُ حينَ لمعتْ عيناكِ هي الصخرةُ التي عصتِ اللهَ.. وخبّأتْ شيطانًا فيها
فأصبحتْ وحيدةً وجافّة.
الكلابُ الجامدةُ على مداخل المدن هي الكلابُ التي نَبَحَتْ حين لمعتْ عيناكِ
فتحجّرتْ في العراء.

التمثالُ الذي لم ينطقْ حين لمعْت عيناكِ كسرَ الفنّانُ يدَه

**********

ونحن – الفقراءَ الجياعَ – زرعنا حنطتَنا في السهول
وننتظرُ أنْ تلمعَ عيناكِ.

ونحن – الطيورَ الغريبةَ – تشرّدْنا في البلاد
وتهْنا عن أعشاشنا
وننتظر أنْ تلمعَ عيناكِ

**********

في الجنوب تحوّلتِ الحضاراتُ إلى (بائدة)
لأنّ عينيكِ لم تلمعا في الجنوب/
في الشمال تحوّلتْ المدنُ إلى (مَنسيّة)
لأنَّ عينيكِ لم تلمعا في الشمال.
الأميرُ الصغيرُ، المُخبَّأُ في قصر أبيه، كانتْ أمُّه تخافُ أنْ تلمعَ عيناكِ فيكتشف الحقيقةَ؛
وقد اكتشف الحقيقة..

**********

نحن – جوقةَ البشر البسطاء
المستجدّين على الأساطير..
نحن الذين خُدِعَنا من علماء الجغرافيا والخرائط والحدود..
نحن الذين نتقاتلُ على مفردة (الأرض)
ولا نتصالحُ إلّا إذا لمعتْ عيناكِ.. –
نمدحُكِ بهذه القصيدةِ من أجل أنْ تلمعَ عيناكِ الآن