تتشرف منصة “انزياحات” بتقديم مختارات خاصة من التجربة الشعرية للشاعر اللبناني بلال المصري، الذي يُعدُّ واحداً من أبرز الأصوات الشعرية في الأدب العربي المعاصر. وُلد بلال المصري في مدينة طرابلس اللبنانية عام 1974، ويُظهر تميزاً أدبياً لا يُضاهى في مجال الشعر. في شعره، ينبثق عالم من الصور العميقة والأحاسيس الجارحة، حيث تتجلى اللغة كوسيلة لاستكشاف المعاناة الإنسانية، الحب، والذاكرة.
يواصل بلال المصري تحدي الحدود التقليدية للشعر، حيث يلتقي الجمال مع الألم في تركيبات فنية محكمة ومؤثرة. لم تقتصر إنجازاته على الساحة العربية فحسب، بل ترجمت نصوصه إلى لغات عالمية واحتفت بها مهرجانات أدبية كبرى.
تفخر منصة “انزياحات” بتقديم هذه الشعرية التي تختصر جزءاً من هذا المشوار الإبداعي الاستثنائي، لتكون شاهدة على أصالة الشاعر وعظمة لغته التي تقاوم الصمت وتنبض بالحياة.
بلال المصري هو كاتب وشاعر لبناني من مواليد مدينة طرابلس عام 1974. من أعماله الروائية: “الجدران تتعرى لظلي” – مؤسسة أروقة الثقافية في القاهرة 2014، “الأخيب” – دار يالدز للطباعة والنشر، قطر تركيا 2024.
أما في الشعر، فقد أصدر العديد من الدواوين منها: “عتم المرايا” – دار الكنوز الأدبية، بيروت 2004، “تصاعد الياسمين كالرصاص” – دار الغاوون، بيروت 2012، “خفيفاً كزيت يضيء” – شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت 2016، “أسماؤكِ كثيرة خبزنا قليل” – دار الوطن اليوم، الجزائر 2020، “يسحق رأسه بحجر الذكريات” – دار التكوين، 2024 (سلسلة إشراقات التي يشرف عليها ويختارها أدونيس).
عمل الفنان الخطاط مرتضى الجصاني على مجموعة كبيرة من نصوص بلال المصري، وحولها إلى لوحات فنية. ومن أعماله المسرحية: “صراخ الجثة”، “توارَيت كي لا أختفي”، “رحلة إلى المريخ”، “المراكب”. واختيرت العديد من نصوصه الشعرية لتكون ضمن الأنطولوجيات الشعرية مثل: “بوسع قلبي” – أنطولوجيا باللغة البولندية عام 2007 ترجمتها الدكتور يوسف شحادة، “قلائد الذهب” – أنطولوجيا باللغتين الإنجليزية والرومانية عام 2008 ترجمتها منير مزيد، “شعراء لبنان الراهن” – أنطولوجيا ترجمتها الشاعرة صباح زوين إلى الفرنسية عام 2009، “مدخل إلى الشعر العربي” – ترجمها إلى الإنجليزية والرومانية منير مزيد عام 2010، “من مدريد إلى السماء” – أنطولوجيا ترجمة من لغات مختلفة إلى الإسبانية وضمت كبار شعراء العالم صدرت خلال مهرجان مدريد عام 2016، “أنطولوجيا أوديسي” – صادرة عن مهرجان أوديسي في رومانيا 2020، “أنطولوجيا أمواج المتوسط طريق الحرير” – 2021.
كما شارك بلال المصري في العديد من الأمسيات والمهرجانات الشعرية في لبنان وخارجه. حصل على جائزة أفضل نص مسرحي في مهرجان سيدي قاسم الدولي 2015 (المغرب)، وكانت مسرحيته “توليت” ضمن القائمة القصيرة لأفضل عشرين نص في جائزة الهيئة العربية للمسرح 2014. كما نال جائزة الشعر من الصين (Certificat Poetry Collection Award of the 2023 “Zheng Nian Cup” National Literature Prize)، ودخل القائمة القصيرة جداً لجائزة 22 literature prize 20 KM Anthru International في الهند.
الصداقة الحقيقية أن لا تخون نفسك
نضوج
تنضج في رأسه
فاكهة الشتائم
قلبه ينتفخ مثل رغيف خبز
بينما أعضاؤه تذوب
في قارورة الشك
هل أعمدة الدخان هذه
بيتي؟
أم أنني بعد قليل سأختنق
وأنا أبلع جرّافة تشق طريقاً؟
بينما النار تنعس
يستيقظ البرد ويحلّ السلام
الذي انتظرته طويلاً.
خوف
كان قلبه يقفز في صدره كأرنب
وجلده يتقشر مثل تفاحة بالية
تبدو من تحته أنهار تتبول في سراويلها
خوفاً من الضياع في بحر العدم
وبحيرات ترفع تنانيرها
لتخفي وجهها
فتبدو تلك الطعنات
القديمة الشاهدة على الحياة
الغابة مبانٍ شاهقة وآلة عمياء
بينما الذئاب تعوي في فؤاده
وهو يلوح بيده للنمور الجائعة
حتى لا تأكله الضباع البشرية المقززة.
مسافة
أحرّك يدي
تهز رأسك، أطوي ساقي
تشدّ للأفق ظهرك
كأننا دميتان معلقتان بخيوط الكلام
عندما جرحتني بزجاج حكمتك
كنت غاضباً
والآن وقد نجونا
وشُفيت منك وشُفيت مني
لا زلنا نرقص
تنحني نحو الأرض
وأقفز إلى الأعلى
أذهب فيك وتذهب فيّ
كأننا ضفّتان ونهراً شحيحاً
مثل خيط لا ينقطع.