تلتفتين..
إذ سحبتك المرآة فجأة لمركزها..
ترين بروفيل البلوزة ،البنطال، الكتف، الرأس ، النظرة الممرغة حزنا ، الأنف العادي ، الشفاة المكتنزة، لكنك لاترين نفسك….
كأن الاشياء بدأ تآمرها عليك، تكاتفت لمباغتتك، ببساطة شديدة..”تغيرت”
تتسائلين
كيف ارتخت قبضة الألق قليلا، ما الذي خبا؟ كنت أحيانا تكنين ” أفكارا ساذجة” تعرفين مدى لكزها للضحكات المناكفة للهواء،لشهقات تنهمر من كهوف المنطقيين، يحتشد ضباب شكوكهم، لكنك كنت رغم ذلك موقنة بفكرة لايرفّ لها جفن الظنون:
أنت ستحملين دوما “طفلة مشاغبة” في داخلك القصي، ستهش الزمن بعيدا عنك.. وربما تخربش وجهه، تصدّع سقف خطوته ،لن تكبري”.
وتعلمين..
في مواجهة هذه “الطفلة الشقية”، امرأة عجوز ماهرة، رأيتها مرارا في طفولتك، تتغلغل في نضج وجودك ، حركاتك ،أحوالك، مسوغات هدوئك
أين أنت من كل هذا؟ كيف تبدلت؟ لماذا أضحت الطفلة الفاتنة منهكة،منكمشة بينما تعملقت العجوز،
باتت لا تتوانى عن إعتلاء هضبة أيامك الرائقة ،بذل شيخوختها في صمتك ، تمنح حلمك غبشه، يرن على أرض توجسك قرع عكازها ، في إثم إرتباكك، تكشط بريق سلامك،ملامحك..
تدركين..
العجوز التي تكالبت متاهاتها عليك، خنقت دروبك بضجرها، لاتنكص، لا تنزوي،لاترعوي
إلاّ في علو عواء ذئاب يقظتك، و غناء الطفلة الراقصة جذلا بك، بتحقق زهوك، بلمعان بهجتك الجليّ
لا تفهمين
كيف إنفتق رداء صبرك؟ تقوست أكتاف غبطتك، طن نحل مريع في رأس أحلامك، غابت نظرتك في نهر الحزن و انسابت فيك، أنفك ماعاد يشتمّ النوايا ولا تعبره رائحة التفاؤل، شفاهك تعض المرارة، وتطلين على أمسك…بحسرة.
و تظلين
تطالعين بروفايل المشهد ، بينما أعواد الأسئلة تنفك من حزمتها، تتساقط و رنينها الفاجع يدوي..
كيف عاندك الوقت؟ لماذا ألقيت بتاج الغار؟
متى ذابت طفلتك اليتيمة؟
و الأهم …أين أنت؟”