شعر ونثر

معاذ السمعي .. اضافة شعرية جديدة مشرقة

معاذ السمعي - انزياحات
معاذ السمعي - انزياحات

صدرت حديثا عن دار أبعاد_بيروت مجموعة شعرية جديدة بعنوان “لعنة الكيبورد” للشاعر معاذ حميد السمعي، ضمن سلسلة “إشراقات” التي يشرف عليها الشاعر الكبير أدونيس ويختار نصوصها وشعراءها بمنحة خاصة من مؤسسة غسان جديد. يتألف الديوان من 100 صفحة ويضم 20 نصاً ، من أبرزها: “لعنة الكيبورد”، “شفيرة الضوء”، و”أكوام الطين”.

 

جاء في الغلاف للشاعر أدونيس: “الشعر، بوصفه حياة وحرّية وحبّا  هو ما تؤسس له اليوم أصوات شعرية متنوعة، نساءً ورجالاً في مختلف البلدان العربية. وتلك هي ظاهرة فريدة في تاريخ الإبداع الشعري العربي. هكذا تبدو الكتابة الشعرية العربية كأنها تجيء من أفقٍ آخرَ: أفق الذاتيّة المتحرّرة من جميع أنواع السلطات الكابحة، وأفق الكينونة المنفتحة على الأعماق والأبعاد المجهولة، وعلى الأسئلة المهمّشة أو المطموسة، اجتماعياً وثقافياً وسياسياً، إضافة إلى المكبوت نفسياً وجسدياً، بصراً وبصيرةً ومخيّلة. وفي هذا ما يتخطّى خريطة الكتابة الشعرية السائدة، ويرسم خريطة جديدة لشعرٍ كينونيّ، استشرافاً لعالم عربي جديد، وثقافة جديدة، وجمالية عربية جديدة.”

 

تأتي هذه المجموعة الشعرية كإضافة جديدة مشرقة لإصدارات الشاعر اليمني معاذ السمعي السابقة، مثل “حب وحرب”، و”دموع كثيرة لعيد واحد”، ومجموعة ثالثة تحت الطبع بعنوان “أشواق معدنية” والتي من المتوقع صدورها قريباً

انزياحات تهنئ الشاعر معاذ السمعي.

 

غلاف المجموعة الشعرية " لعنة الكيبورد " - معاذ حميد السمعي
غلاف المجموعة الشعرية ” لعنة الكيبورد ” – معاذ حميد السمعي

 

***

 

شباط

معاذ السمعي 

لم أكن نبيا

المعجزات كانت تحتشد جميعها في جيب شيطان في الجهة المقابلة

الجهة المقابلة كانت نحن

جميعنا جذوة النار

عرضة للريح

مدنٌ يخذلها الماء.

الماء أكثر قسوة من اللهب

اللهب ينساب من تحت أقدام البسطاء كبساط سحري

لم يعد من جسد الجنية التي واعدت آلهة الرقص

غير خصر متفحم ورماد يعوي..

أنا في البيت الآن..

الشارع يركض في فمي كأفعى

شارع بلا خطى

خطى بلا مدى

تمتمة في السوق

أصوات تخرج من أسنان الباعة

وتدخل في أقدام المتسولين

إنه صباح عيد الحرية..

تثملني لكنةُ الجلاد  يهنىء شعبه الميت.

في البيت الآن..

المقهى زاوية وحيدة لا تتسع لتمثيل جرذ

الهتاف يطغى.. الطريق ينكسر،

الطريق المستقيم بحدة للأعلى

ليس للطريق أجنحة،

الطريق وهم..

عكاز تحمله الطاولة

مسمار في الحائط

واضح لا يراه أحد.

في البيت الآن..

أفتح باب المدينة

من صوت غراب عابس

من رأس وصواص يضيء عتمتها بالضلال،

الغربان ليست سيئة حمائم خضر وقعت في عزاءٍ أبدي،

أدخل كدودة مطرية تتسكع في بطن عصفور شائك،

الأنحاء نهود مدارية

سجائر شرطي ٍّ مدولب

تمثال  يتجول بألاف النسخ لجنديٍّ مجهول

حلم ثمين لرصاصة طائشة

أنت شهيد،

قطارٌ أضاع مؤخرته في رأسي

أين تتجه..؟!

في البيت الآن..

شبحٌ خلْفَ مقود ذبابة

سرب حشرات ملونة في طابور مفتوح

أراقب عامل المحطة

بهدوء النوارس العالقة في الجراف

بنهدة بجع طويلة

بفرحة وعل زاهد بعري العيد

بشهقة نملة بالفتات

بقلق الصخور الواقعة من علو

قافلة الحنين تتحرك في الأنقاض

قنافذ فزعة..

– ليس في جيبي ما يكفي لأكثر من قذارة واحدة،

أضعت محفظتي.

– أنت أيضا سقط وجهك في هوة سحيقة..

بائعة الخضار لها عينان مبهرتان أقل قيمة من بضاعتها الكاسدة

– العداد لا يعمل جيدا..

للرصيف أيضا صورة بشعة،

قطةٌ تطعم هرها البائس

وليلٌ يضج..

عفوا..

كان النهار غالبا

وغالبا أنت… غالبا كهذه البلاد

لا نعرف غير مؤخرتها القبيحة

غير أن نتناول خيباتنا تحت شعرها الطويل،

ذقنك المؤمن

التقي

الوارف :

ثلاث ظلال حمر لحماقة واحدة.

أيها الليل امنحني فرصة من نهار أفر إليها من لهيب شموسك

أيها البر امنحني قطعة بحر أنجو بها من عنف أجاجك

أيتها السماء امنحيني خطيئة بنصف تفاحة ٱخرى أستحق عليها الهبوط إليك

أيها الغد

الغد القادم من الأرق البعيد

من هدهدات الحكايات الغبية

من قلق الرفوف القديمة

تمرِّدُ الصمت َ

تغتال شجون الريح

تملأ جيوب المسافات

قصائدَ بلا معنى

تأنس سرب الحصى

وتنوء بفلسفة الجوع

بتناهيد الحدائق،

بلهفة ظمأ المدينة

ترضع من شجر الحنين دما أزرقْ

ترجف من نبأ الخطيئة

من رتابة الرؤى

من نوافذ المجاز،

 كيف لي أن أتسلق جبال المواجع وحدي

وأطوي ألف شتاء من البكاء

أمام صيف كلماتك؟!

أيها الرب كبير كما أنت كثير كما ينبغي

سبق وطلبتك الكثير،

السقف أقصر من دخان سجائري

لم أعد أرغب في شيء،

فقط..

اخبر السجان..