المساء ليس غريباً تماماً
“أشياءٌ لم نقلها بالأمس”
في الخريف …
تساقطنا هكذا
كانت الأوراق قد فسرت لنا
كيف نُقلَّدها
لم أكن اعرف أن
الفصول الأربعة
تشترك بفعل واحد
أظنه التآمر على الأيام
التي لن تأتي أبداً
الصيف هنا باردٌ جداً
بينما الشتاء يرتدي
جبّة شيخ يدعي التوبة ، والوقار
ونحن لم نتنبه أننا
نسير بالاتجاه المعاكس
لإشارات السير
بينما نرتجل الحداثة عفواً
شفاهنا يابسة تماماً
مع أن السماء لازالت تمطر
ولم يحدث أبداً أنْ
أسهبنا في الحديث
عن أعياد الميلاد
لأننا ببساطة لم نكن
قد ولدنا بعد
الكلام إذن صمتٌ أخر
لأشياء لم نقلها بالأمس
والأمس يعني أبداً حزن أمي
في ذكرى زواجها الأول
ماذا يعني :
أن تتذكر حبيبها ؟ !
بينما أبي لم يكن قد أحبها قط!
هكذا نحن نحتفي بعيد الحب
كعائلةٍ واحدة.
ربما هذا ما دفعني لتعلم
قواعد النحو،
وأنسى اللغة
حدث مرة أن قلت قصيدة غزلٍ
لعيني حبيبي
ونسيت أنه كان قد فقد
عينيه في الحرب
حينها
رسمتُ عيناً واسعةً
على الحائط
تبكي بدلاً عني
وتذكرني أن لا حبيب
لي بالمرة!!
وفي حربٍٍ قادمة
سأكون قد كبرتُ في لوحة إعلاناتٍ
تروّج لمنتجات عصرية
توّزع الموت على الفقراء بالمجان
كأي جمعية خيريَّة
فالحداثة إذن،
تنتج حروباً سهلة،
وأطفالاً مجففين
بالإضافة إلى قصائد ” الهايكو”
التي لا تكلفنا الكثير
من الحبر
والتدخين باستمرار.
” فكرةٌ تعبر ظنّي”
كنتُ كبرت هكذا
إلاّ أنني نسيتُ عدد أصدقائي
لم أحاول حصرهم في يومٍ ما،
ولم أتذكر جيداً تفاصيلهم
فقط:
جمعتُ أكثر من حلم
رسمتُ ما يكفي
لخلق شيءٍ ما
فكرةٌ كهذه : عبرت ظني
حلقت بي في الأعالي
فتلمستُ بأصابعي السماء
قبَّلتني نجومٌ كثيرات
تركتْ أكثر من وشمٍ على وجهي
أتأملني في المرآة
آهـ : لقد كَبرتُ،
ونَضُجَتْ فيّ الأنثى
لو أنني ولدٌ : لعشقتُ هذه
الصبية التي هي أنا
بالمناسبة !!
هل عليّ الاعتذار عن
فعل حدث في الحلم ؟!!
أنا قتلتك مرات عدة
تأكد من ذلك
غرزتُ أكثر من نصلٍ
في قلبك
كن شجاعاً، واعترف
أنك لست حقيقياً
إنما أنت ظلك الآن
يستقبل التعازي
كم كان عمري حينها ؟!
لم انتبه لذلك
إلاّ أن هذه الأرقام ليست أنا بالتأكيد
لو كنتَ أنا
ما الذي ستفعله ؟!
ستحكي عن الدفاتر الملونة مثلاً
الوردة التي أهدتني أمي
في عيــد الميلاد
عن أخواتي البنات
لا يأبهن لما أكتب من شعر
أيضاً عن عجائز الحارة،
والحديث عن أهمية الزواج المبكر،
لو كنتَ أنا ..
ربما تخليت عن أنوثتك فوراً
واكتفيت بالبقاء عارياً
أمام المرآة
تتأمل أعضاءً فاسدة
لم تعد صالحةً للاستخدام
لو كنتَ مكاني:
ربما اعتذرت عن موتك المبكر
وقبلت بأول عرض زواج
بدلاً عن كتابة الشــعر
أنا الآن أصعد الدرج بدوني
هكذا أحب أن أظلّ وحيدةً
قبل أن تنفد كمية الهواء
جرّب أن تفرغ رأسك منك
واكتفِ بالقول :
أنك لا أحــد
اعتقد في ظنك أنك رفيق سيء
واترك أعضاءك في أقرب حانة
أرتجل الحياة خفيفاً
ربما في هذه الحالة
لن تضطر للبحث عنك
والتفكير بشيء يخصّ أجزاءك
في لحظةٍ ثملة
أشياؤك التي تركتها هنا
سأفعلُ ما يخفف عنها الضجر
لا تنسَ أنها عائلتي
أركنها أحياناً بين أواني المطبخ
بهذه الحـــالة :
أتوحد بك دونما الشعور بالفقد
ثق تماماً
أنني قد أحبّك
وأعرف أنك رجلاً مزيفاً
تقريباً هذا ما يمنحني الرغبة
في الإصغاء لرواياتٍ
تفسِّر تأخر العربة
بارتباك إشارات المرور
أنا لم أكن بطيئة في السير
وهذا المعطوب :
ليس أنا بالضرورة
حدث أن لامست أمي
مواء ليلة باردة
ظنّت أن حلماً ما
يزعج قطتي
ارتبكت عيوني
وأنت تحاول اجتياز الفراغ
بإتلاف الوقت في الممشى
سقطت رهاناتك في محو أمية العالم
حين اكتشفتَ أن مؤخرته الضخمة
لا تتقن التعلم
عليك إذن :
أن تتعلم الغباء
الغباء رفيقٌ سهل
ربما يمنحك ما تظنه السعادة
غير أنك لن تستطيع الصمت
وأنت تقبِّل امرأةً حقيقة..
” ليلةٌ تتأملني من ثقب خيط”
كعادتها الأماسي
ظلت ترتب شغب يومٍ مضى
لم تأبه لنا على أي حال
هل كنا نقصد التلصص
بصعودنا السطوح !!
لقد نسيت همسك القريب
عن ” موتسارت – بتهوفن – سيد درويش”
الموسيقى تستفزُّ أنوثتي
أنا هناك غيرك تماماً
لم تعد هواجسي تخصك
لقد كنت مبتهجةً
كما لو أنني طائرٌ استعاد وطنه
أنسج كوفيةً للشتاء
وأحكي للبلاطات
روايةً في وقتٍ ناضجٍ من الليل
عمّن تركوا أماكنهم شاغرةًً للهزائم
إلاّ أن صمتك ظل يثير رغائبي
ربما لهذا تركتُ أناملك
تتحدث إلى الليل
هل كان ليلي يعني لك شيئاً ؟!!
أظنك عاجزاً تماماً عن التمثيل
بلغــةٍ كهذه…
لن تتمكن من ضبط الصورة،
المسافة بينك والسيناريو
شديدةُ الارتباك
لا تنسَ محو بصماتك عن اللعبة
أنا قريبة منك إلى حدِّ الهروب
وأنت بعيدٌ عني بما يكفي
أن أحتسب الوقت الضائع
مخصوماً من عمرك الجاري
ليلةٌ يتيمةٌ..
تتأملني من ثقب خيط
أرجوك يا أمي ..
افتحي النافـــذة
ربما ضلت غربتها إلينا
أنا لا أبكي
لم يعد يغريني البكاء
غير أنني أتجَّمل أحياناً
أتلمس بالمكياج
رغبات رجالٍ كثيرين
عدا المساطيل
يرطنون بلغاتٍ مختلفة
يسهبون بالحديث عن هموم صغيرات
يغيبون معها بإخلاصٍ شديد
يحدث أحياناً التملّي في
مشهدٍ ما من الحياة
وسريعاً ما يختفي
ليلُ المتعبين يا أمي
” أليفٌ ، وكسير ”
مليءٌ بالدخان والكحول
وحبّاتُ العرق عالقةٌ
على أعناق بائعات الهوى
بعد رقصةٍ صاخبة
ليلهم أقل قسوة من ليل السياسي
لهم أصدقاءٌ .. صديقات
غالباً ما يأتين من الأحياء الفقيرة
التأمر في حالتهم …
غيرُ ممكن بالمرّة.
أنا لم أعد أنا التي تعرفها
لقد سقطت مني تلك اللعب التي
رافقت طفولتي
بما في ذلك أحلامي الصغيرات
ثم لا ترهق ذاكرتك.
لأنك لن تتعرف على أي
جنازة أنا
فالعالم ..
جنازةٌ ضخمة
تتصدرها ابتساماتٌ سوداء
لقتلةٍ باردين
يؤولون الموت بالمحبة
والطلقات بلقاح شلل الأطفال
عليك أن تمضي
ولا تنظر إلى عينيَّ هكذا
فدولابي الخشبي
لا يتسع لإثنينا معاً
ثم إنني سئمت صيغ الجمع
فقط أنا واحــدٌ.
أتعدد بضمير المتكلّم أحياناً.
” أقل من امراة ، أو أكثر من رجل “
هذه المرة ..
لن أراوغ كثيراً
ما سأحكيه يعني أنني
غير مستعدةٍ للبكاء
ما سأقوله لا يعني
أنك حبيبي
فهل عيونك لازالت تتحدث إلىَّ؟!
اسأل الزهرية مثلاً
لازال لديها متسع من الوقت
بالأمس لم يكن حديثها سيئاً
فلا تقل لأمك عمّا دار
بين النجمات
لا تحكِ لها ما حلمت به
تلك الليلة
ثم ضع وسادتك المهترئة
في مكان آخر
ريثما أقلّم أظافري
حاول أن تساعدني هذه المرّة
اجمع ما تبقى من أماسينا الباردة
أو خادعني بحكايةٍ ما
ما قالته بنت الجيران
أصبح يعنينا
قد لا يكون هذا مهماً
إلا إنني لم أكن أقصد ما يحدث
في الشارع المجاور
حتى فتورك لم يعد
يستفزُّني
على أي حال كل ما مضى
رديءٌ بالفعل
ولسنا نملك سوى
ما تبقى من فائض الكلام
أيها البعيد:
ما ذا لو أنك كنت حبيبي
هل معنى هذا
أن الدمع ليس ممكناً
ماذا يعني أن نضحك معاً
أن نشتم كراريس المدرسة
أو أن نقيس حرارة الأغنية
العاطفية ؟!
قس مسافاتنا جيداً
ثم احكِ لي عن :
“عبد الوهاب، أم كلثوم ، عبد الحليم”
أو أي شيء آخر
حاول الغناء بمفردك
أنا لن أتحدث بحبالك الصوتية
كل ما سأفعله :
هو أنني سأحتكرها
لبعض الوقت
فلماذا لا تجرّب الغناء بصوتي
أو نشترك معاً
بقُبلةٍ واحدة ؟!
لو كان بإمكانك العودة ثانيةً
ربما ابتهجت الشوارع
هذا ما أعدك به
لأن مصابيحها النائمة
ستظلٌ كما هي
قل لي : ما يقوله الشعراء عادةً
عمّا توشوش به تلك الأوراق العمياء
الوقت معطوبٌ تماماً
ونحن نتعب في الغالب،
حتى أنه لم يبق فينا سوى القليل
وهذا لا يعني
الخيانة أبداً
الخيانة : أن ننسى،
ننسى ما تقوله أمنا للشمس
الخيانة أيضاً:
أن نترك أحلامنا عارية هناك
ثم نصدّق ما علق من همس الأصابع
أنت لم تكن مستعداً لذلك
كما أنني لم أكن
قد انجزت ما يليقُ
بوداعك الأخير
لقد نسيتُ أن أرتبَّ
يومك المليء بالحمّى،
ونسيتُ أيضاً
أنك كنت حبيبي
أنا لم أقل لأمي بعد
أقصد لم أحكِ لها عن أشيائنا
هذا لم يكن ممكناً
نحن فقط معنيون بذلك
كما أنني لا أحبَّ الموت
على دفعات
لذا سأبدو أقل من امرأةٍ
وأكثر من رجل
في حال أخطأتني البنات
ستبكيك أوردتي بالتأكيد
إذا ما كشفت عن
ثوبك المتدلي من النافذة
لقد أمسى متسكعاً في الممرات
حملته الريح ،
وألقته في وجهي
حتى أبصرك جيداً
أظنّ هذا ما حدث
وأظن هذا ما سيحدث
إن كنت تحلم بذلك
احفظ رأسك عن
التفكير أكثر من الممكن
ربما أغرتك الشمس بألبستها
الضيــقة،
أو أن جبل صبر غيّر أقمشته
هذا العـــام
لقد قلتُ هذا
حتى أنني نسيت :
نسيتُ أن أستمع إليك
نسيتُ أن أتحدث إليّ
ونسيتُ أنني استبدلتُ
مفكرتي بواحدةٍ أخرى
من غير اللائق إذن،
استعادة ما حدث بالأمس
لقد كان ممتعاً بالتأكيد
لكن ما حدث
لم يكن يعنينا تماماً
ما حدث كان ينتمي لكائناتٍ أخرى
عالمٌ لم يَتحْ لنا
فــرصة الموت
هل نصرخ حتى ننتمي إلينا
علينا أن نفعل ذلك،
فالصراخ دليلنا في السير
لو أننا نسيرُ معاً
وننسى أننا فقدنا أقدامنا
ثم لن نكترث لذلك
فهل كنت ستحبني؟!
“المساء ليس غريباً تماماً”
بما أنني سأغطى في أحلامي
أكون قد تركت لخيالي حرية الاغتصاب
كأن يغتصب حنينك
غير أني سأفتقدك
بمقدار الجنون في خطوط يديك
بمقدار الأزمنة النهائية
أو قل:
ربما ، بمقدار عطش الأرض
تلامس قدميك الباردتين
قد ننتجُ بعض الذكريات المهمة
حين يغيب أحدنا
الغياب لغة استثنائية
ينبغي أن نحبها
حتى نصل إلى حضور نهائي
مع أني استطيع جعله
أشد وهجاً منك
وأعمق دفئاً من دمي
آه… لو أنك تسند راسي إلى روحك
وتمضــي
لو أننا نستطيع الهبوط إلى روحينا
قبل أن تنكسر حَلَكَةُ المساء
قد تشيخ وجوهنا
إذا نام الطائر داخلي
أو أي شيء أخر
قد لا نتعرّف عليه جيداً
ليتهاوى بيننا أكثر من عرش
وتبقى أنت حبيبي
بينما ذاك الصباح
قد مضى بأشيائه
وبقايايَّ التي كانت هناك
لماذا لا نعود إذاً،
والمساء ليس غريباً تماماً
نحن على بعد أمتار قليلة نتعاطى روائحنا
هل نظل هكذا بانتظار الريح
الانتظار، مهنة لا تروقني حبيبي،
أظنك صَعَدْتَ الفكرة ذاتها
لنكن عاشقين تافهين،
ولتكن أنت أقل بروداً
حينها ربما سرقنا نظاراتهم
التي لا تدل علينا،
قد تختفي أثارنا
إلا قبلةْ
سنخلع عريها هناك
أتعلم، حبيبي، أننا مخلوقات
نَشتُو قبل نضوج البلح
لهذا نلج اللحظة عاشقَين
ثم لا نستيقظ أبداً
إلا حين يكون قد أنطفأ العالم.
” كما هي حالتي “
كبرياؤك يشبهني تماماً
بينما جنوني يمكنه
أن يصبح أنت
قد يكون الصيف حاذقاً
عندما تحدث إلينا
فهل كنت تداعب الشتاء،
وتضاحك الثلوج، أيها المجنون؟!
أم أن غيمتي
غمزتك بالقليل من الأنوثة؟!
ربما افتقدت بعض أشيائي
كما هي حالتي في البكاء
لو أنك جاهز سنخترع لعبا شيقة
كأن نطبخ قصيدة سمينة
ندعو أكثر من شاعر
سنبدو كريمين للغاية
في الأيام التي مضت
ركلتنا أقدامهم الخشبية
فتبعثرتْ من اللعبة أجزاؤنا
داخل سلة تصيد الفئران
لنهبط العمق كمدعوين،
أو نصعد لنعتقد أننا التهمنا
كمية الشواء
أما أنا لم أكن أنت
إلا القليل
لأن أشياء تخصني
كانت قد الفتك
كما لو أنك حبيبي
لذا لا نستطيع الالتقاء
في النقطة ذاتها،
اعتقد أن النهاية فقدت
منذ بدأنا
أنت هناك تحتضن اللهفة
أما أنا فالصمت وحده صديقي،
لكنني استطيع رسمك على الجدران
الرسم في حالتنا هذه
يستعيد ضبط الوقت
أعــني
إرتجاعات الزمن،
والمسافة معاً.
أو قل :
سوف نبدأ
عاشقين غريبن
بعض الشيء
أنت لن تضطر ترك روحك
شاغرة، ثم ترحل
لن تكون مجبراً
على تنويم بعضك في الماضي،
ولن تجبر على نسيان
أوراقك داخل حقيبتي
التي تحبها.
“كأن نعود من الحياة”
صباحٌ عابرٌ
ككل الصباحات اليابسة
الحصةُ حان وقتها
كيف أبدأٌ إذن ؟!
سأحاول شرحك بالتقسيط
إن أمكن ذلك
ستعلمُ نبتةُ الفلِّين
وتشي بنا للبنات
لن تبتهج إجمالاً
فالوقت مازال مبكراً
ويداي خاليتان كالعادة
لكأني أسمع صوت الماء
أبداً حزنك لا يشبه الماء
دع وجهك يغتسلُ في
عيني أو لتمضِ
حاول فعل ذلك
هذه المــرة :
بحثك عني ربما
كان مضنياً
أنت سترحل
هكذا كان وعدك لي
تذكر أن الوديان
سترثي فؤادي
مع أنك لازلت تبكي
لأبأس حبيبي
“كم الساعة الآن؟! الوقت يمضي”
ما الذي يجبر هذه اللعينة
على السَّير بأقدامٍ يابسة ؟!
احتاج لمزيد من الاسترخاء
على أشيائك القديمة
ما عدا ذلك احتفظُ به لوجعي
لم يبق فينا سواه
وأشياءٌ أخرى لا أحبها
كتلك المفردات التي لا تمنحنا
المساحة المناسبة
للموت معـاً
صوتك أقرب ما يكون لجوعي
لو أنّ معدتي قادرةٌ
على هضم مقبرةٍ
لفعلتُ ذلك
لكنني أتحينُ فرصاً مناسبةً
للبكاء علينا
وأنسى دموعي
“كم الساعةُ الآن؟! الوقت يمضي،
هذا لا تنسَ عيوني
الفجرُ ميتٌ،
وأنا لا أتقنُ الرقصة الأخيرة
عليك أن تضحك
كي تصبح مثلي
حذائي ثقيلٌ جداً
وأنت تأخرت
إذن
لا تربك النبع
تحدث فقط عمّا يخصّك
أنا لستُ أنت على أي حال
سيخذلك صوتي
ولن تشعر بتآكل
أصابعك في انحناءاتي
نحن نفقد حرارتنا
بهذا التواطؤ
كما لو أننا لا نذوب
أين تقف الآن ؟!!
أفتقدك، إلا أنني
لا أحبُّ أن تكون
فأنت تغيبْ. تغيبْ. تغيبُ
لكنك لا تختفي
خذ من تعب الأمس
ما يعينك على التلاشي
لأنني سأكون مع أشيائي
ولن أتركك تعبثُ بأوراقي
البحرُ وحده يمكنه
أن يعقد صداقة مع شَعْرِي
وعندما أنسى
يذكرني بأنني مازلتُ أنا
“كم الساعةُ الآن؟! وقتك يمضي”
ما رأيك .. لو نغني مثلاً
أو نموت قبل اكتمالنا
هل معنى ذلك
أن ” أحمد قاسم ”
سيقبلُ دعوتنا ويغني
” يا عيباه “!!
لنختفِ تماماً
أو نكبر وننسى كل شيء
كأن نعود من الحياة
بإبتسامةٍ واحــدة
لا تفسّر تعثر أقدامنا
بانتفاخ الرئــة
وســرطان الأسماء.
“الكلامُ خطيئتي”
لن تصدِّقوني أيها الأخوة
الخوفُ يملؤ جيوبكم
فالأعمى يقرأ رئتينا
بينما أعينكم
تخطئ الفراغ
لقد باغتتنا الأيام
فلماذا ارتبكتم حين التساقط
الأوراقُ هكذا دائماً
والناسُ غالباً ما يزدحمون
مع أن الأرض
تكفي لأن تَنُمُّوا بعيداً
اهضمو لحمنا جيداً
وهذا ما سيسعدنا بالتأكيد
هذه المرّة سوف
أحكي لكم :
الشمسُ دخلت دارنا
تسلقت فمي من سلم الكلام
ظننت أن البرد كان متسامحاً
فقرصت الشمس أذني
قالت :
الحيطان رديئة السمع
قد تفسِّر لأمي بأن الحمّى الشوكية
تؤدي إلى عدوى
يسمونها ” الحب ”
” هؤلاء الأغبياء
يديرون الأقدار !!”
صارت أمي تحذرني
من التحدّث للنسرين
لأنّ عطرها فضيحةٌ
تتصدر نشراتُ الأخبار
هذه المرة أيضاً
سأعترفُ بكميةٍ
هائلة من الحب
لشجرة العوسج
لأن عطري يتسلل إلى
غرف النوم
لذا فإن نساءكم يحبلن
غالباً بالغواية
أطفالكم نتاجٌ
لخيانات ليليّة
أنا من يهربها عبر
النوافــذ
أنا شجرةٌ العشق
اجمعوا فوؤس العالم
واقلعوني من الجذور
الكلام خطيئتي
لغتي جذعٌ يابس
أخطأهُ الحطّابون
ونسيت أن عينيهِ مقبرتي
نصفُ أغنيةٍ
تكفي لأن أنسى دمي
ثم أني :
لو لم أكن حجراً
لما سقط الكلام !!!
“مالم يقلهُ الخلخالُ للمساء”
ما الذي يعني أن ننسى!!
دعني أرتبُ ذاكرتي
الثاني والعشرين من أيلول
شرطيُّ يتقنُ القسوة
لقد صادر خلخالي
بتهمة الأناقة
وأشياءً مهمة
بما في ذلك قلبي
لم أعد أحسُّ بتكتكاته
داخل حقيبتي.
الأرقامُ لا تساعد على تعلّم
الرقص بأقدامٍ حافية
أنا الآن …
أشيَّع ُ بقاياي التي
دهِستها عجلاتهُم الغربية
كيف أغني لها
وصوتي بغير صحن ؟ّ!!
أما أنت أيها المجنون
أغمضت عليك عيني
حتى لا أفقدك
لقد صرتَ جزءاً من
مدخراتي
وأنت أيتها المدينة الساكنة
في حضن جبل صبر
إنّ قلبي سيعبرك في وقتٍ
نائيّ من هذا المساء
بإمكانك أن تعاتبيه قليلاً
ربما تهدهده الذكريات
أعتقد أن أشياء كثيرة
ظلت تقيم علاقاتها الليلية معه
أقصــد :
” السوبر ماركيت ، كابينات الهواتف،
المدن الصغيرة،
بأبوابها الخشبية
الوقتٌ سيء،
والمساء عاهر أيضاً
وليس لدي رغبة في السرد
علي فقط أن أصغي
أو أستمر بهذا النزيف
كيف أحكي خجلك إذن،
وأخون الماء!!
سأحكيه بالتأكيد لأطفال الحارة
“أماني ، أفنان ، أحمد…. ”
إنهم نصف سعادتي
سأحكي لبهونا الصغير
مالم تقله أنت
هل أحكي أيضاً..
“أشياءك المتروكة بعنايةٍ هنا” ؟!
مثلاً :
“خبثك الوسيم،
القهوة التي لم تشربها بعد،
دخان سجائرك العائم
داخل خزانتي
ودهشة أحاديثك عن :
“فيروز”
: وهي تغني:
“حبيبي بدّو القمر”
سأحكي كل هذا
لا لإنك تقاسمني الحليب
سأحكيه
لأنك حبيبي..
” لستُ مهيأةً لأموت”
مثل أي لص
جاء يسرقني للحظتهِ
في وقتٍ كنتُ
مفتوحةً كهاتين اليدين
كان هو قد أستعار وقتاً
وشفاهــاً
لتقبيل أخرى
ظل يسرقني
أو هكذا
يحبني أن أكون داخل
علبة سردين
ومضى مبتهجاً كعادته
كما لو أنه قبّل وردة
حاول فتح المسافة أكثر
لم يكن هذا الذي
قابلني قبل يومين
وقبّل وشماً على الباب
بينما كانت يداي
قد أعدت له الكأس
هو جاهــزٌ
يرتدي القبح
يترك الكأس على
الطــاولة
ويحتسيني أنا !!
صرختٌ في جوفه
لستُ مهيأةً لأموت.
….
* شاعرة يمنية