شعر ونثر

امرأة ٌ وموسيقى

شيماء باسيد - انزياحات
شيماء باسيد - انزياحات

كيف لقلبي أن يُصبح هاوية تبتلعُ كل الذكريات دون التفاوض معها على الأقل، أو الدخول بأي نقاشٍ يساعدني على ترجمة هذا الشعور الغريب من البلاهة! يحتاج قلبي للكثير من الحطب لتشتعل فيه الحياة. الشارع بداخلي باردٌ وفارغ، لا أحد يمر. هل ستمر عليك كل سخافاتي مرور الكرام، وستُشعل من أجلي قلبك كمدفأة؟ أنا المرأة المصابة بك والخائفة منك حد التجمد.. حد الارتعاش.

 

اسمك نُدبة في قلبي، لكن لا بأس بقليلٍ من الصدق هنا. فأنا أخاف الاقتراب منك، لكن هناك ثقلًا في روحي كلما ابتعدت. وجودك يمنحني كل الأشياء اللطيفة، والتي تتنازع كل الثقل بداخلي، وتُحلق به بخفة طائر.

 

الكتابة لك نزفٌ وهوس. كيف لي أن أطلبك كل الأجوبة لأسئلة لم أجرؤ حتى الساعة أن أسألك إياها! لماذا أستحضر أمامك الكثير من البلاغة، لأجمّل بها عطب روحي التي تتمسك بك جيدًا، لعله يستقيم بعض من الغموض والالتباس في عالمي المضطرب؟ هل تقضي وقتك مثلي تشرب شايًا بالنعناع، وتسمع موسيقى كلاسيكية عبر راديو قديم، وتقرأ بعضًا من أبيات لوركا:

تحيطُ بك الفراشات

وهي تظنك شمسًا ثابتةً

وتهرب منك الديدان

مخافة الاحتراق

لأنك الحياة..

هل تدرك أنت ما معنى أن تحترق امرأة حد التلاشي؟ ما هو التلاشي؟ هل تعرفه حقًا؟ أهو التعبير الأقرب للهدوء الثقيل الذي يجثم على صدري الآن؟ تلاشٍ مخيفٌ وقاتم. المرأة بداخلي مظلمة حد العدم. هل تجرؤ على إشعالها؟ هلّا جرحت ليلي ببعض من نجومك؟ تخيفني هذه الظلمة، ترعبني جدًا. هناك شيء ما سيئ على وشك أن يحدث. لا أحد يصدقني حين أخبره بأن الأصوات في عقلي تبالغ في همسها. هي ترغب أن تبتلعني، وأنا أفكر فيك لأبتلعها. لكنها تحتدم وتتعالى، يبدو من الوهلة الأولى أنه صوتٌ واحد، لكن يأخذ الأمر دقيقة واحدة فقط ليبدأ كرنفال من الأصوات، موسيقى صاخبة للغاية ونشاز جدًا. تبدو حياتي كهذه الموسيقى بالضبط، رحلة من الأصوات المتداخلة والألحان المضطربة.

 

تبدو حياتي كغصنٍ منكسر لا يملك لنفسه إلا التردي نحو الأسفل. تقاطعني تلك الأصوات، لتمنحني بعض الوقت، كأن أشباحًا عديدة تسكنني، تكسرني كل مرة كرغيف خبز، وتغمغم بكلام غير واضح، لكني وحدي أفهمه.

 

لماذا تتردد؟ أمسكني بكلتا يديك، واقرأ لي الكثير من نصوص حبك. اعزف لي موسيقاك العذبة، واطرد كل أشباحي المرعبة. وما الحياة إن لم تكن موسيقاك أنت. فهذه حياتي أتمنى لها الموت حين تتفنن في تحويل أبسط تفاصيلها إلى معركة. من أخبرك أني أرغب في الانتصار الآن؟ من أخبرك أني قد هُزمت من قبل؟ هلّا سمعت عن موسيقى قتلت أصحابها؟ ستفعل موسيقاي ذلك بعد قليل.