شعر ونثر

إياد فاروق الحاج كعلم من أعلام الضمائر الشعرية النثرية اليمنية..!

كتب_رئيس التحرير:

تمتد تجربة الشاعر اليمني الكبير إياد فاروق الحاج الى بداية الألفية الجديدة. أصفه بالكبير لأنَّ شعريته المكثفة التي تمرّدت على الغنائية عن وعي، لو كان أخلص لتجربته لكان عراب الحساسية الجديدة لقصيدة النثر اليمنية، وبجدارة.

 

إياد فاروق الحاج، أخذته دوامّة الحياة، ومع ذلك ظلَّ مُخلِصاً للشعر، رغم أنَّه صار رجل أعمال. اليوم تتشرف انزياحات بتقديم ذخيرة نثرية نابعة من شاب، فاق مجايليه بإدانة الواقع الشعري الرث. داعياً لمقاومة الرداءات بٱسم الشعر الحديث. ولذلك لاينشر إلا نادراً.

 

خرجنا من جيل واحد، همنا كان واحداً في التجريب.

ولقد كان لإياد فاروق الحاج تجربة رفيعة في تأسيس مجلة “طيارة ورقية ” رفقة العزيزين الشاعر اليمني نبيل سبيع، والقاص والروائي محمد أحمد عثمان. صدر منها ثلاثة أعداد ثم تعثرت ، ومع ذلك لا نزال نتذكرها كحالة تمرد ضد المطبوعات والمجلات الرسمية المتكلسة.

 

يلجأ إياد فاروق الحاج للتفاصيل، يوظف اليومي وإيحاءاته، بوعي ناضج.

إنَّ إياد فاروق الحاج يمثل مرحلة شعرية يمنية تعكسها المسافة التي حافظت على شعريته من التشيؤ.

بل أستطيع أن أجزِم أنَّ إياد فاروق الحاج علم من أعلام الضمائر الشعرية النثرية، منحازا لأُفقهِ الجمالي المفتوح.

حين يقرأ المرء للشاعر إياد فاروق الحاج يسعى للارتقاء بذوقه، ويشعر بشعرية تمتد إلى آخر القيامة.

 

هكذا يقف إياد فاروق الحاج، أكثر كثافة، وأكثر اختلافا تلفحه كل يوم رياح التغيير، لكنه لا يثمر إلا قصائد معتقة تلك هي سماته المتفردة، وهو يكابد في علاقة جدلية بين المعنى والدلالة. و هكذا فإن إياد فاروق الحاج يؤصل لجيل مستقبلي، همه الحفاظ على كينونته الشعرية من التجريف والصخب غير الناضج، ثم مع قصائد إياد فاروق الحاج أؤمن أن الشعر لم يبدأ بعد.

 

***

 

ظلٌّ مّا يرغب في مرافقةِ شخصٍ آخر ظلٌّ مّا قد وقع الحب 

اياد فاروق الحاج *

يقف ظلي إلى جانبك 

 يظهر على مقربة منك 

 يرافقك في كل مكان تذهبين إليه، 

إلى جانبك وإن لم تبرحي مكانك  

تحت سقف المنزل  

إلى جوارك حتى في غرفة نومك المظلمة،

أصبح جليّاً أنه قد حسم أمره.

من بعد الآن أنت من سيرافقك ظلي

 تماماً كظلك

وسأكتفي أنا برؤيته سعيداً إلى جوارك.

 أحب ظلي كثيراً 

وأتمنى لو أن بإمكانه البقاء بجواري 

فهو ظلي الذي كبر إلى جانبي يوماً بعد يوم،

 لكنه الآن أصبح ناضجاً بما بكفي

ومن غير المعقول أن يقضي حياته بجانبي، 

 ليس على الظل أن يرافق شخصه بالضرورة،

من حقه أن يختار رفيق دربه دون وصاية أو خجل

أتذكر ذلك اليوم الذي فقد فيه صديقا لي ظله 

أتذكر جيداً كيف التفت إليّ فجأة بملامح فزعة

باحثاً عن ظله في جميع الاتجاهات  

قبل أن يصرخ منتحباً:

” لقد فقدتُ ظلي، 

فقدتُ ظلي، 

أصبحتُ رجلاً بلا ظل “

أتذكر جيداً كيف أخبرته برباطة جأش عجيبة

 أن كثيرين فقدوا ظلالهم بشكل مفاجئ 

بينما يتذمر آخرون من تصرفاتها، 

حدثته عن بكاء أحدهم إلى كتفي وهو يخبرني

 أن ظله لم يعد يرغب بمرافقته 

 وكيف أنه أصبح يبادله الشتائم

 ويكيل له السباب طوال الوقت، 

أخبرته بذلك على سبيل المثال ليس إلا، 

لكن ترى كم مرة 

تعرض فيها ظلك للدهس تحت إطارات السيارات

 و شاحنات النقل، وربما تحت أقدام المارة دون أن تلتفت

كم مرة ارتطم فيها ظلك بالأرض بعد سقوطه الحر بينما كنت منشغلا بحديث هاتفي تذرع مسافة ما من جسر للمشاه

….

و هكذا نحن

نقف على حافة النهر تاركين ظلالنا عرضة للغرق 

نقف على رصيف محطة القطار تاركين ظلالنا ممتدة بشكل عرضي على سكة الحديد وكانها لا تخصنا 

نسلك طرقاً آمنة دون أن نكلف أنفسنا حتى

 من التأكد إن كانت كذلك بالنسبة لظلالنا 

نطل من الأعلى لنلقي نظرة خاطفة دون أن نكترث بالارتطام المؤلم الذي قد نتسبب به لظلالنا المسكينة في كل مرة 

نحرص على سلامة أجسادنا في كل مشوار نمشيه 

من دون أن نحرص بنفس القدر ولو لمرة واحدة 

على تلك الظلال الطيعة التي نسحبها خلفنا تارة 

وندفعها أمامنا تارة أخرى،

لذا، وفي المقابل 

  ليس على الظل أبدا أن يقف مكتوف الأيدي 

عندما يتعلق الأمر بمستقبله.

 

* شاعر يمني