جمال أنعم
“عناوينهم مجهولة، وأبوابهم مغلقة في وجوه المكدودين، وهم فقط في متناول الخاصة من المؤلفة السنتهم واقلامهم وكروشهم”
لدينا قيادات ، الذهاب للقمر أيسر من الوصول اليهم ، كلهم محتجبون ، مسورون بعناية ، محميون من الناس ،يحضرون في الصور ويغيبون في واقع الحياة ، ليسوا متاحين للجمهور اطلاقا ، لكل بطانته وحاشيته وحجابه وصبيانه وأبواقه ومداحوه .
من المستحيل أن تلق وزيرا أو مسؤولا على مقربة من المواطن المكشوف ، هواتفهم مقفلة على الدوام ، يغيرون ارقامهم باستمرار كي يأمنوا الإزعاج ، عناوينهم مجهولة ، وأبوابهم مغلقة في وجوه المكدودين ، وهم فقط في متناول الخاصة من المؤلفة السنتهم واقلامهم وكروشهم ، هاتوا لي مسؤولا يمثل نموذجا مغايرا لما اقول ، لم يعد داء الإحتجاب مقتصرا على الكبار ، بل صار سلوكا عاما لدى الطواقم التابعة ، ولا أكاد اتذكر من يمثل استثناءا في هذا الجانب . حتى صغار الموظفين صاروا اكثر احتجابا ، ولكم كره العرب الحجاب وكتبوا اسفارا حول ادواء الحجابة وكانوا يقولون : الحاجب عنوان صاحبه “ولهم في هجاء الحجاب وذكر مثالبهم كثير من الشعر والنثر .
ترى مالذي يشغلهم ؟ إن كان الناس مدفوعين بعيدا على هذا النحو . مالذي يفعلونه في عوالمهم المخملية ؟ هؤلاء الفاشلون في إدارة علاقاتهم بمواطنيهم ترى ماذا يديرون ؟ ولصالح من يعملون ؟ ومن يمثلون ؟
هؤلاء هم هزيمتنا الساحقة ، يشعروننا بالقرف والمقت ويراكمون شعورنا بالسخط والإحباط والخذلان .
إن احتجاب المسؤول عار وخيانة ، وعلينا وضع الجميع في دائرة المسائلة والمراقبة وتلمس مستوى علاقاتهم بالناس ومدى اقترابهم من همومهم واوجاعهم ومشكلاتهم وحياتهم عموما ومازلت ارى بأن الأحداث والتحديات الكبرى تستدعي رجالا بقدر المسؤولية. تتطلب العظمة والجرأة والشجاعة وجسارة الموقف والقوة في الفعل والقول وللتاريخ سرديات حافلة تمجد البطولات والأبطال الإستثنائيين الذين صنعوا تحولات فارقة في حياة شعوبهم وأوطانهم وشكلوا حالة الهام انسانية متجاوزة وغدوا رموز يقظة ونضال وجزءا من الوعي والروح والذاكرة
نحن في أكثر المراحل خطورة والتحديات تتطلب مسؤولين كبارا نكبر بهم ونجدهم على الدوام بقدر الوطن وقضاياه .
في وسع كل وزير او مسؤول اختيار البقاء المشرف أو الإنسحاب الأكثر شرفا في حال انعدمت امكانيات الفعل وتلاشت فرص احداث أي تغيير يخدم الناس و المقاومة ويعزز صمودها واستمرارها .
في مقدور الجميع رفض الوجود الشكلي والعمل من أجل تمثيل المشروعية بصورة تمنحها حقيقتها و تثبت اليقين العام بها في هذه المرحلة الجحيمية القاسية وبما يكرس لدى الناس الثقة والأمل ويمدهم بالقوة والعزم اللازم للإستمرار في المواجهة
نحتاج مسؤولين بحجم المرحلة . وبقدراثقالها وبمستوى وجع اليمنيين ورجاءاتهم .
تعيين الرداءة خيانة وإهانة لروح اليمن الجريح انتقاص من كبرياء الواقفين في جبهات البطولة والشرف ضرب للمعنى وتحطيم للمعنويات .
الوضع الهش يستدعي قوة اكبر وفاعلية قصوى في الأداء والنشاط لكن أن تصير الهشاشة مبررا لتولية الضعاف ودافعا للتنصل والتخلي عن المسؤلية والإكتفاء بالتبرم والإنضمام الى الجموع الشاكية والتذرع بالندرة وانعدام القدرة وتوزيع اللائمة على هذا وذاك فتلك هي الكارثة.
ثمة سلوكيات لاتليق بمسؤلي دولة ورجال بلد هم ملاذها الأخير. لدى الناس هموم ومشكلات في الداخل وفي الشتات .
وهناك قضايا وملفات كثيرة تتعلق بالحرب اليومية الدائرة على كل صعيد وهناك جمود وهمود وشلل يكاد يكون كليا في المستويات القيادية للشرعية عموما .وثمة شعور عارم بالخيبة لدى الجميع من استجابة المعنيين في الحكومة لمطالبات الناس ومستوى تفاعلهم معهم وحرصهم على مشاركتهم وتبني همومهم والبحث عن سبل لحلها ومعالجتها .
الكل يتحدث بيأس عن الشرعية حد الشعور بالخيبة وفقدان الرجاء. لاتجد مسؤولا يتكلم بلغة ترضي كبرياءنا الجريح