(نداء الى رئيس الجمهورية ، إلى رئيس الحكومة ، إلى وزير الإعلام ، إلى المنظمات الإنسانية، إلى فاعلي الخير)
لا توجد كلمات تستطيع وصف الألم الذي أشعر به اليوم وأنا أرى زميلا نبيلا، من أكثر الصحفيين نزاهة وإخلاصا، الصحفي القدير عبد الوهاب أحمد مزارعة، يرقد بين الحياة والموت، بعيدا عن أي اهتمام أو مساعدة حقيقية من الجهات المسؤولة.
عبد الوهاب، الذي أعطى الصحافة اليمنية زهرة شبابه وخبرته، يجد نفسه اليوم في مواجهة عواقب جسيمة دون أن تمتد له يد العون.
ساقاه بُترتا نتيجة مرض السكري الذي نجم عن سنوات طويلة من التعب والإجهاد في مهنة المتاعب. والآن، كل ما يحتاجه هو قدمان صناعيتان ليتمكن من العيش بكرامة، ولكنه لا يجد حتى من يلبي هذا النداء الإنساني.
أليس من المخجل أن نرى نقيب الصحفيين الأسبق، الأستاذ عبدالباري طاهر، يطلق صرخات استغاثة لإنقاذ حياة هذا الصحفي الذي قضى عمره في خدمة الحقيقة؟ هذه الدعوة التي جاءت بعنوان “دعوة لإنقاذ حياة!” ليست سوى محاولة نبيلة لتذكيرنا جميعا بما نغفل عنه.
عبد الوهاب، الذي عمل في صحيفة «الثورة» منذ ثمانينيات القرن الماضي، وقاد تحرير الصحيفة ومجلة «معين»، هو اليوم مهمل من كل الجهات التي كان من المفترض أن تكون درعه وحصنه.
لقد وجهت نقابة الصحفيين أكثر من نداء، وتولى الأستاذ أحمد ناجي النبهاني- كما أشار الاستاذ عبد الباري طاهر ـالدعوة لإنقاذ هذا الزميل الجليل، ولكن يبدو أن أصواتهم ضاعت في زحام التجاهل.
كيف يمكن لدولة، تدعي الاهتمام بحرية الصحافة وحقوق الإنسان، أن تتجاهل حياة أحد أبنائها الذين أخلصوا للعمل المهني؟
كيف يمكن أن لا نجد حتى الآن تحركا فعليا لإنقاذ زميلنا من مصير مؤلم؟
لقد بترت ساقاه! ألم يهز هذا المشهد ضمائرنا؟ ألم يترك في نفوسنا أثرا يجعلنا نتحرك فورا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟
إن الوضع الذي يعاني منه الصحفي عبد الوهاب ليس مجرد قصة فردية. بل هو رمز لحالة أوسع من الإهمالات التي يعاني منها قطاع الصحافة والإعلام في اليمن.
اليوم، يُترك الصحفيون الذين كرسوا حياتهم لنقل الحقيقة تحت رحمة الظروف القاسية، دون أي ضمانات صحية أو اجتماعية. عبد الوهاب هو مجرد مثال واحد، ولكنه يعكس مأساة كاملة تتعلق بعدم وجود رعاية أو اهتمام حقيقي بالممارسين لهذه المهنة.
إن السكوت عن هذه المأساة ليس مقبولا. إذا كانت هناك حكومة في الشمال، وإذا كانت هناك حكومة في الجنوب، وإذا كانت هناك وزارة اعلام ، وإذا كانت هناك نقابات صحفيين!، فلماذا لا نرى تحركا لإنقاذ هذا الإنسان النبيل؟ إذا كان الصحفيون أنفسهم لا يستطيعون حماية بعضهم البعض، فكيف ننتظر أن يحميهم أحد آخر؟.
هذا النداء يجب أن يصل إلى كل من يملك سلطة أو قدرة على التغيير. الصحفيون ليسوا أرقاما في جدول أعمال الجهات الرسمية، إنهم جنود الكلمة الذين يقفون في الصفوف الأمامية لنقل الحقيقة ومحاربة الفساد. عبد الوهاب مزارعة هو من هؤلاء الجنود الذين أفنوا حياتهم في خدمة اليمن، واليوم، أصبح بحاجة إلى من يقف بجانبه، لا إلى مزيد من التجاهل والإهمال.
لن أنسى يارفيقي الانبل عبد الوهاب مزارعة وأنت تلحقني إلى الفندق الذي قضيت فيه أول ليلة ،ليلة عرسي على الفاضلة ابها عقيل الذي درست في الأردن مع والدها القدير نور الدين عقيل..لحقتني لتسلم وتحضنني لأنك لم تستطع حضور المقيل لأنك كنت تسهر على إخراج صفحاتك التحقيقية في صحيفة الثورة الرسمية أيام ما كان للصحافة طعم آخاذ.. لم انس وأنت تهمس في اذني عند مدخل الفندق ” احبك يا فتحي أبو النصر حتى من قبل أن اعرفك”.
سامحنا يا عبد الوهاب، سامحنا لأننا نبكي اليوم، ونحن عاجزون عن تقديم العون في أسرع وقت. ولكننا نعدك بأن هذا النداء لن يكون الأخير، وأن صوتك سيصل إلى كل من يستطيع أن يمد لك يد العون. إنك لست وحيدا في هذه المعركة، وإننا جميعا نشاركك الغضب والحزن. لكننا أيضا نؤمن بالأمل وبقدرة الناس على التحرك لتغيير هذا الواقع المرير.
إننا بحاجة يا أمة الصحافة اليمنية اليوم؟! إلى التوقف والتفكير بعمق في معاني التضامن الإنساني. لا يكفي أن نطلق نداءات دون أن نتحرك فعليا لتلبية احتياجات من يحتاجونها. لقد أثبتت السنوات الماضية أن الصحفيين هم من بين الفئات الأكثر تعرضا للإهمال والتهديد، سواء كان من قبل الأطراف المتنازعة أو من قبل الفقر والمرض الذي يفتك بهم في صمت.
اليوم، كل ما يحتاجه عبد الوهاب هو قدمان صناعيتان. هل هذا الطلب كثير؟
هل تجاوزت أحلامه البسيطة حدود المستحيل؟
هل وجود قدم صناعية في اليمن أصبح أمرا شبه مستحيل، وكأن الحصول على هذا الحق الأساسي بات رفاهية لا يمكن تحقيقها. لكننا نعلم أن الحلول موجودة، وأن العالم ليس مغلقا أمامنا. توجد منظمات إنسانية، وأفراد اخيار قادرون على تقديم الدعم. ولكن يجب أن نتحرك الآن.
إلى كل من يقرأ هذا النداء، إلى كل من يشعر بالغضب، إلى كل من يعتبر نفسه إنسانا، علينا جميعا أن نكون جزءا من الحل.الصحفيون، يجب أن يتحدوا لإنقاذ حياة عبد الوهاب. نداء الاستاذ عبدالباري طاهر يجب أن يكون نقطة انطلاق لتحرك أوسع.
وأنت يا بلد، يا يمن، هل تسمع هذا النداء؟ هل تدرك حجم الفاجعة التي يمر بها أحد أبنائك؟ إلى متى سيظل الإهمال يفتك بنبضات هذا الشعب؟ إلى متى سنبقى نشهد على انكسار من أفنوا حياتهم في خدمة هذا الوطن؟.
ختاما، نكرر شكرنا العميق للأستاذ عبدالباري طاهر على هذه الصرخة النبيلة. ولكننا نطالب بأن تكون تلك الصرخة بداية لتحرك فعلي، لإنقاذ حياة عبد الوهاب مزارعة، ولإعادة الاعتبار لكل صحفي يمني يعمل في ظل هذه الظروف القاسية. حياتهم ليست سلعة قابلة للتفاوض، إنها مسؤولية تقع على عاتقنا جميعا زملاء ،اطباء، رجال اعمال، مسؤولون، ومنظمات إنسانية.
دعوة لإنقاذ حياة!
عبد الباري طاهر
منذ بضعة أعوام يرقد الصحفي القدير عبد الوهاب أحمد مزارعة؛ عضو هيئة تحرير صحيفة «الثورة» اليمنية في صنعاء. وهو خريج صحافة درسها في الأردن، وعمل في «الثورة» من ثمانينات القرن الماضي، وتبوأ مواقع قيادية فيها، وفي مجلة «معين»، واضطلع بأدوار مهمة في التحرير، والتحقيقات الصحفية.
أخلص الأستاذ عبد الوهاب للمهنة، وواصل الدأب ليلاً ونهاًرا في مهنة المتاعب؛ وبسبب الانهماك الطويل في العمل، والسهر المتواصل، ومعاناة الحياة؛ أصيب بالسكري، وبترت ساقاه!
وجهتْ نقابة الصحفيين أكثر من نداء، وتولى الأستاذ الجليل المدافع عن الحريات والحقوق أحمد ناجي النبهاني المناشدة إثر المناشدة؛ لإنقاذ حياة هذا الصحفي الذي تتعرض حياته كل يوم للخطر؛ وهو بأمس الحاجة إلى قدمين صناعيتين؛ ليتمكن بهما من المشي، ومواصلة رسالته العظيمة التي وهب نفسه لخدمتها، ومن المعلوم أن القدم الصناعية ليست متوفرة في اليمين.
نكرر الدعوة والمناشدة للمسئولين في الشمال والجنوب، وأصحاب البر والمعروف لإسعاف الصحفي مزارعة وإنقاذ حياته.