كان يحلم بوطن يحضنه،، ولم يجده،، ولذلك فضل الموت على الذل والاذلال،،
قائلا :
( ما اشتيش كرسي /
ولا اشتي شامدح الوالي /
قصدي اقول كلمتي /
وامشي لي طوالي /
ذا الموت اهون /
من الاذلال ياوالي..).
ذلك هو صديقي الاديب الشاعر والسياسي المناضل الفقيد جابر محمد علي الشراخ والمعروف بجابر الشراخ رحمه الله رحمة الأبرار واسكنه فسيح جناته..والذي توفي في ساعة متقدمة من فجر يوم الاربعاء 1 اكتوبر2014م..وهاهي اليوم 1 اكتوبر2024م تحل علينا ذكرى رحيله العاشرة.
دون أن يتحقق حلمه بوطن حر وديموقراطي تسوده العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية كان يحلم بوطن في دولة مدنية تخلو من التفاهات وعسكرة الحياة كان يحلم بوطن يحضنه كحرف في صفحة دفتر ولكنه وللاسف لم يجد هذا الوطن فأنشد كاشفا عن ما حوله
.مختصرا كل ماكان حوله بقوله :
( كل ماحولي تفاهات /
تفاهات وعسكر /
موطني علبة كبريت /
على سور معسكر /
وطني دبابة تسعى /
على حافة خنجر /
لم يعد لي /
وطن يحضنني /
كالحرف /
في صفحة دفتر..)..
وكما كان يعلم بكل مايحدث لوطنه من مؤامرات اللصوص والجهلة والمرتزقة والغشاشين وانه وغيره من الفقراء والمطحونين وعشاق الوطن هم الضحايا ..فقد تنبأ بما هو كائن وماسيكون وانشد قائلا :
( الأمر لنا /
فاللعبة واضحة المعنى /
نحن ضحية هذا الجهل المتحكم /
والذل المتآمر فينا /
فالنرجم كل الغشاشين /
لصوص التاريخ /
مرتزقي الثورة /
فالوطن المكدود /
لن يغسله الا دم يتدفق طهرا /
ولنا شرف الجرح /
شرف الموت على أعتاب كرامتنا /
ويكون الأمر لنا صبحا /
لهم خزي /
ولنا فرحة النصر ..)..
لم يكن مجرد اديب ومناضل يمني تهامي , بل كان مسكونا بحب اليمن وباصله من تهامة اليمن ..وطنا وارضا بل وفي مرتبة الام قائلا :
( هواك أماه قبل البدء علمني /
درس المحبة قبل الفرض والسنني /
أماه هذا التراب الطهر يجمعنا /
ان فرقتنا يد الأحداث والمحني /
وقلت للشمس مدي مدى ظل أجنحة /
خضراء من وجع الاحزان تغسلني /
لتكتسي الأرض من أرواحنا قبلا /
وتنتهي قصة الازلام والوثن /
أن أنكر الدهر عنواني وقافيتي /
حسبي باني ( تهامي ) من اليمن ) )..
قبل وفاته أعلن ساخرا أنه قد سامح فئة ممن عاصرهم في حياته فانشد فيهم ساخرا منهم قائلا :
لَقَد سَامَحَت مَنْ وُلِدُوا حبالى /
وَمَن لَعِبُوا عَلَى الجُمْلِ الْمُضَافَة )..
وأما الذين اختلف معهم اختلاف المحبين فقد انشد فيهم قائلا :
( لابد من يوم يجوا يبكوا على بابي /
ويطلب العفو مني من تأذي بي )..
ذلك بعض يسير من تاريخ مناضل تهامي سخر أدبه ونضاله وحياته واضحا وصادقا وشجاعا لايجامل ولايهادن ولايخاف في الحق لومة لائم ..عاش مسكونا بحب الوطن الكبير وحب تهامة مسقط رأسه ومظلة حياته ..عاش حياته مقارعا للظلم والذل والهوان رافضا الفساد والتسلط على العباد ..لم يكن يعيش حياته من أجل التغنم أو التقرب من السلطة بمدحها بغية الوصول إلى ما يفعله الوصوليين, بل كان ينبذ ذلك ويرى أن قول كلمة الحق في وجه سلطة جائرة هي فقط مبتغاه وأن الموت عنده اهون من المناصب ومدح السلطة ..لكنه وبكل أسف وجد نفسه وكما قال :
( من شدة القهر لامن شدة المحن /
قد صرت ابكي علي قبري على وطني /
وكم رقصت على قبر اعذبه /
واليوم ابكي علي وطن يعذبني )..
.
رحل صديقي المناضل والأديب والشاعر والسياسي والثائر الحر والقاص والفقيه واللغوي / جابر محمد علي الشراخ المولود في الحديدة تهامة اليمن في 1957م من أسرة فقيرة حيث كان والده يعمل نجارا فلقب بالشراخ..واتصف جابر الشراخ بتفننه في كتابة القصيدة ابداعا وصناعة.
وودعت برحيله تهامة خاصة واليمن بوجه عام علما من اعلامها في مختلف مجالات الفكر والثقافة والسياسة بل وودعت اليمن عميد شعراء الهجاء في اليمن ..وصاحب “اشتعالات في زمن الشتاء” و”آخر كلام”.و ” حب ونار “..إلى جانب قصائده الغنائية الموثقة في الإذاعة والتلفزيون والمغناة وغير المغناة التي لم توثق..رحل جابر الشراخ وعن جدارة واستحقاق رحل رجل ” الكلمة والموقف “..
وقد تقلد العديد من المناصب الادارية كان آخرها مديرا لمكتب الثقافة والسياحة والمركز الثقافي في محافظة الحديدة وكذا المواقع السياسية آخرها رئيسا لفرع التجمع الوحدوي اليمني في المحافظة وعضو مركزية الحزب..ورئيس فرع اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين في المحافظة وعضو المكتب التنفيذي للاتحاد في الجمهورية اليمنية رئيس تحرير مجلة اليراع الصادرة في عهدة مجلة عن فرع الاتحاد في المحافظة ..وكما شارك في العديد من الفعاليات الثقافية فقد حصد في مسيرته التاريخية العديد من شهادات التكريم والتقدير ..
رحل صديقي بعد عمر ناهز 57 عاما رحمه الله.. وهاهي الذكرى العاشرة لرحيله 1 اكتوبر2024م تحل علينا ولا يسعني إلا الاعتذار لنفسي ولأهله وعشاقه ومحبيه ورفاقه عن هذا الموضوع القصير وعن اي تقصير لأن جابر كبير واكبر مما كتبت وما سيكتب عنه ..ولا نملك في هذه الذكرى سوى الدعاء له بالرحمة والغفران وقراءة الفاتحة على روحه الطاهرة ..