كل قطعة أثرية تم نهبها وسرقتها هي جزء من روح اليمن، وكل عملية نهب تمثل اعتداء صارخا على التراث الوطني”.
لم يُظهروا سوى العداء لليمن واليمنيين، وكانوا يسعون دائما لفرض هيمنتهم واستغلال مقدرات البلاد”.
نؤكد أن هوية اليمن راسخة كجبالها، وأن من يحاول طمس هذه الهوية أو تشويهها، إنما يفشل في إدراك قوة هذا الشعب وصلابته. اليمن هو الوطن الذي لا يقبل الغزاة والطارئين، وهو الأرض التي ستظل تحمي تاريخها وتراثها بكل ما أوتيت من قوة. هؤلاء الذين ينهبون الآثار اليوم لن يكون لهم مكان في المستقبل، وسيرحل تاريخهم المشوه إلى مزبلة التاريخ، بينما ستظل آثار اليمن شامخة تحكي قصة أمة عظيمة.
وفي الوقت الذي تتسارع فيه الأمم لحماية إرثها وتاريخها، تقف اليمن شاهدة على سلسلة من الجرائم التي تستهدف هويتها وحضارتها. يبدو أن الحديث عن سرقة الآثار اليمنية لم يكن جديدا، بل هو جزء من التاريخ المظلم الذي عاشته البلاد مع من يسمون أنفسهم “آل البيت”، والذين لم يكن لهم من الانتماء لليمن سوى اسم. هؤلاء الطارئون، الذين قدموا من خارج أرض اليمن واستقروا فيها، رفضوا الاندماج في المجتمع اليمني وحافظوا على علاقة عدائية تجاه إرث وحضارة اليمن.
في عام 1952، صورة لاثنين من هؤلاء وهم ينهبون آثارا يمنية عريقة في مدينة مأرب، وهي واحدة من أشهر وأعظم المدن التاريخية في اليمن. مأرب، عاصمة مملكة سبأ القديمة، هي رمز من رموز حضارة ما قبل الميلاد، إذ كانت تشتهر بمعبدها العظيم وسد مأرب الذي كان يعد معجزة هندسية في زمانه. تلك الآثار التي تروي تاريخا يمتد لآلاف السنين، نُهبت بوحشية وبلا رحمة من قبل أفراد يدعون أنهم “آل البيت”، في محاولة سافرة لتجريد اليمن من تاريخه، وكأنهم لم يكتفوا بنهب مقدرات الأرض، بل توجهوا إلى نهب الروح والحضارة.تسربت الصورة مؤخراً.
وبالتأكيد ليس مستغربا أن يشعر اليمنيون بالغضب العارم، فهذه الجرائم ليست مجرد سرقة لآثار أو ممتلكات، بل هي محاولة لمحو الهوية اليمنية وتشويه التاريخ اليمني العظيم. كل قطعة أثرية تم نهبها وسرقتها هي جزء من روح اليمن، وكل عملية نهب تمثل اعتداء صارخا على التراث الوطني. اليمن ليست مجرد دولة؛ اليمن حضارة تمتد بجذورها إلى أعماق التاريخ، حضارة أسست ممالك عظيمة مثل مملكة سبأ ومعين وحمير وحضرموت وقتبان واوسان، وكانت تُعرف بتقدمها في الهندسة والعمارة والزراعة والتجارة. واليوم، يتعرض هذا الإرث الثمين للتشويه والتدمير على يد من لا يمتلكون سوى ادعاءات واهية لا صلة لها بحقائق التاريخ.
تلك الصورة المسربة لعام 1952والتي تظهر اثنين من هؤلاء بمساعدة اثنين زنابيل خونة لتراثهم.. أنها لعنة القاوق ، ليست مجرد وثيقة إدانة، بل هي شاهد على ما تعرضت له اليمن طوال العقود الماضية من استغلال ونهب من قِبل هذه الجماعات الطارئة. هؤلاء الذين يدعون انتماءهم إلى قريش ويعتبرون أنفسهم “آل البيت”، لم يُظهروا سوى العداء لليمن واليمنيين، وكانوا يسعون دائما لفرض هيمنتهم واستغلال مقدرات البلاد.
ما يثير الحزن والغضب في الوقت ذاته هو الصمت الدولي تجاه هذه الجرائم. العالم الذي يتحدث عن حماية التراث العالمي ويعاقب سارقي الآثار، يغض الطرف عن ما يحدث في اليمن. آثار اليمن يتم تهريبها وبيعها في الأسواق العالمية، وكأنها سلع تجارية، بينما يتم تدمير ما تبقى منها في الداخل على يد ميليشيات وأفراد لا يملكون أي إحساس بقيمة التاريخ.
اليمنيون، الذين يفخرون بهويتهم العريقة وتاريخهم المليء بالإنجازات، يشعرون اليوم بأنهم في معركة دائمة للحفاظ على ما تبقى من حضارتهم. هذه المعركة ليست فقط ضد اللصوص الذين يسرقون الآثار، بل ضد محاولات طمس الهوية اليمنية وتشويهها. فهؤلاء الطارئون لا يمتلكون سوى تاريخ مشوه مليء بالصراعات الداخلية والعزلة، وهم يسعون دائما لفرض هذا النموذج الفاشل على اليمن.
من المؤسف أن نرى مثل هؤلاء الأفراد، الذين يدعون نسبا نبيلا، ينحدرون إلى أدنى مستويات السرقة والتدمير. فهم لم يقدموا لليمن شيئا سوى العنف والفوضى، ولم يسهموا في بناء حضارة أو تطوير مجتمع. بالعكس، كانوا دائما عائقا أمام تقدم اليمنيين وازدهارهم.
إن الغضب المفترض الذي يشعر به كل يمني اليوم ليس مجرد غضب تجاه السرقة المادية، بل هو غضب تجاه محاولات تدمير هويتهم وتشويه تاريخهم. فاليمنيون، الذين لطالما عاشوا على أرضهم وأسسوا حضارتهم بأيديهم، يرفضون أن يُسلب منهم حقهم في الفخر بتاريخهم وهويتهم. هؤلاء الذين ينهبون الآثار ويدمرون التاريخ لا يمتلكون أي علاقة بهذه الأرض، وهم يسعون فقط لتحقيق مصالحهم الشخصية على حساب إرث أمة بأكملها.
اليوم، يجب أن يرتفع صوت اليمنيين جميعا للمطالبة بحماية تراثهم. يجب أن يكون هناك تحرك دولي لمحاسبة هؤلاء اللصوص، ويجب أن تُعاد كل قطعة أثرية سُرقت إلى مكانها الصحيح. فالآثار ليست مجرد حجارة أو معابد، بل هي الشاهد الحي على تاريخ الأمة اليمنية وهويتها.