جميلة علي رجاء، امرأة يمنية تحولت قصتها إلى رمز للصمود والنضال في مجتمع يتسم بالتحديات العديدة. على مدار أكثر من ثلاثة عقود، خدمت جميلة في الحكومة اليمنية، متنقلة بين الأدوار الدبلوماسية والاستشارية في عدة وزارات. عُرفت كوسيط بارز في مؤتمر الحوار الوطني في اليمن (2013-2014)، حيث لعبت دوراً مهماً في الجهود الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار.
جميلة علي رجاء، هذه السيدة التي بدأت مسيرتها كقارئة أخبار شابة في تلفزيون اليمن الشمالي، أصبحت اليوم واحدة من أبرز الشخصيات في السلك الدبلوماسي اليمني، حيث لعبت دوراً مهماً في تحقيق السلام والاستقرار في اليمن. قصة جميلة هي قصة إصرار وتحدٍ، تعكس روح المرأة اليمنية القوية والمثابرة.
البداية الإعلامية:
ولدت جميلة في تعز، حيث تلقت تعليمها في مدرسة لغات أجنبية، مما أكسبها طلاقة في اللغة الإنجليزية. هذه المهارة فتحت لها أبواباً غير متوقعة، إذ طُلب منها وهي لا تزال تلميذة أن تكون أول قارئة أخبار باللغة الإنجليزية في تلفزيون اليمن الشمالي. لم يكن العمل في التلفزيون مهنة تقليدية أو مرغوبة للفتيات في ذلك الوقت، ولكن جميلة قبلت التحدي وانتقلت إلى صنعاء للإقامة عند أقاربها، متخطية المصاعب التي تواجه فتاة في سنها في بيئة عمل يسيطر عليها الذكور.
الانطلاق في التلفزيون:
بدأت جميلة بقراءة الأخبار ثم قدّمت برنامج “مجلة الأسبوع”، الذي جمع بين الأخبار الغريبة والطريفة. اختارت موسيقى مقدمة البرنامج من أعمال زياد الرحباني، ما جعلها تجذب جمهوراً جديداً للموسيقى العربية المعاصرة. كانت هذه الفترة علامة فارقة في حياتها، حيث اكتسبت شهرة ومكانة في المجتمع اليمني.
مسيرة دبلوماسية لامعة:
بعد نجاحها في المجال الإعلامي، انتقلت جميلة إلى السلك الدبلوماسي. بدأت كمساعد للمستشار الإعلامي في سفارة اليمن بالقاهرة، ثم تدرجت لتصبح المستشارة الإعلامية، وانتقلت لاحقاً إلى وزارة الخارجية اليمنية كمستشارة. خلال هذه الفترة، اكتسبت خبرة واسعة في العلاقات الدولية وشؤون الدبلوماسية، مما أهلها لتكون وجهاً بارزاً في الحكومة اليمنية.
الدور في مؤتمر الحوار الوطني:
خلال الفترة من 2013 إلى 2014، كانت جميلة من الأعضاء البارزين في مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، حيث لعبت دوراً مهماً كوسيط وميسّر للمحادثات. عملت بجد لإشراك مختلف الأطراف في الحوار، ساعية لتحقيق توافق يمني شامل يسهم في استعادة الاستقرار.
المستشارة الدولية:
عملت جميلة مستشارة للبعثات الأجنبية للحكومات الأوروبية والمنظمات الدولية المشاركة في جهود السلام في اليمن، بما في ذلك ألمانيا وبريطانيا،
بالإضافة إلى الأمم المتحدة. أسست شركة استشارات خاصة تعمل عن كثب مع الوكالات الإنسانية والتنموية الدولية والإقليمية، وركزت في عملها على استعادة مؤسسات الدولة وإعادة البناء الوطني.
باحثة ومحاضرة:
كباحثة ومحلّلة ومحاضرة مخضرمة، نشرت جميلة العديد من الدراسات والمقالات المتعلقة بالتنمية الإنسانية وحقوق الإنسان والإعلام والاتصال والنوع الاجتماعي والمجتمع المدني في اليمن والشرق الأوسط وشمال أفريقيا. عُرفت كإحدى رائدات حقوق المرأة وتمكين النساء في اليمن والعالم العربي، كما أنها عضو مؤسس في التوافق النسوي اليمني من أجل الأمن والسلام.
الأكاديمية والإعلامية:
حصلت جميلة على ماجستير في الصحافة من الجامعة الأميركية بالقاهرة، وبكالوريوس في الأدب الإنجليزي من جامعة القاهرة. بدأت حياتها المهنية كمقدمة برامج ومذيعة أخبار بالإنجليزية في تلفزيون اليمن الشمالي في عام 1976. هذا العمل شكل بداية لمسيرة مهنية مليئة بالإنجازات والتحديات، حيث واجهت العديد من المصاعب والتحديات لتثبت مكانتها في المجتمع اليمني.
التحولات الشخصية والمهنية:
تتحدث جميلة بشغف عن التحولات الكبيرة التي شهدتها حياتها، خاصة تلك المتعلقة بالقاهرة التي قضت فيها فترة من 1992 حتى 2004. هذه المدينة التي لا مفر من أن تحدث نقلات كبيرة في حياة من يقيم فيها، كانت شاهدة على العديد من التطورات الشخصية والمهنية في حياتها.
المرأة التي لم تتوقف عن التحدي:
لم تكن حياة جميلة خالية من التحديات. كانت تضطر أحياناً إلى ترك منزل أسرتها في تعز والانتقال إلى صنعاء للإقامة عند أقاربها، متخطية المصاعب التي تواجه فتاة في سنها في بيئة عمل يسيطر عليها الذكور. ورغم كل هذا، نجحت في خلق بيئة عمل داعمة ومحفزة، مما ساعدها على التأقلم والنجاح في مسيرتها المهنية.