أنيس حسن يحيى، شخصية فذة وباذخة في الساحة اليمنية، وُلد في 20 ديسمبر 1934 في حي كريتر بمدينة عدن، إبان الاستعمار البريطاني لجنوب اليمن. لقد نشأ في بيئة سياسية واجتماعية مليئة بالتحديات، وكان له دور بارز في تاريخ اليمن السياسي من خلال مواقفه الوطنية وإسهاماته الكبيرة في بناء الدولة الحديثة.
***
النشأة والدراسة
ولد أنيس حسن يحيى في ما يسمى بحي الريزمت في كريتر، وهو الحي الذي كان يعج بالنشاط والحيوية. بدأ تعليمه الأولي في معلامة الفقيه في كريتر حيث درس القرآن الكريم، ومن ثم التحق بالتعليم النظامي في عام 1942. درس في مدرسة الإقامة (Residency School)، وهي الآن المتحف الحربي بكريتر، وأكمل دراسته الابتدائية هناك.
***
المرحلة الثانوية والنشاط الرياضي
في عام 1946، دخل مرحلة جديدة من التعليم حيث دمجت فيها المرحلتين المتوسطة والثانوية بنفس المدرسة. خلال دراسته، كان أنيس يحيى قائد فريق كرة القدم في مدرسته، ومن ثم قائد الفريق الكروي لطلاب مجموعة C في المرحلة الثانوية. كما لعب في الفريق الأول لنادي الاتحاد المحمدي (MCC) خلال الفترة 1955-1956.
في أواخر أبريل 1956، انتقلت أسرته إلى حي الروضة بالقلوعة في المعلا، وهو الحي السكني الذي بنته الإدارة البريطانية تحت مسمى “منازل الطبقة العاملة”. هناك أسس أنيس يحيى مع آخرين نادي الروضة الرياضي والثقافي وشغل فيه منصب الرئيس. بعد تخرجه من الثانوية، عمل مدرساً في المدرسة المتوسطة للبنين في التواهي.
***
النشاط السياسي المبكر
أثناء دراسته الثانوية، شارك أنيس حسن يحيى بفعالية في الأنشطة الوطنية والنقابية. كان يلتقي مع كوكبة من الشخصيات الوطنية في مكاتب مطبعة البعث، ما أدى إلى قيام الجبهة الوطنية المتحدة بقيادة محمد عبده نعمان. رغم إعجابه بشخصية جمال عبدالناصر، إلا أن توجهه كان اشتراكياً علمياً، متأثراً بكتابات المفكر والسياسي اليمني عبد الله باذيب وولعه بالقراءة.
في منتصف العام 1958، انضم لحزب البعث رغم قناعاته بالاشتراكية العلمية. وفي العام 1959، سافر للدراسة في القاهرة، حيث درس في كلية التجارة بجامعة القاهرة وتخرج منها في العام 1963. نشط خلال هذه الفترة في خلايا البعث العربي الاشتراكي في القاهرة وبعدها في عدن بعد عودته إليها.
***
المسيرة الوظيفية والحزبية
بعد عودته إلى عدن في منتصف العام 1963، بدأ حياته العملية كمدرس بالمدرسة الثانوية الحكومية للبنين بخور مكسر. بعد قيام ثورة 14 أكتوبر في جنوب اليمن، عُيِّن في سكرتارية مجلس الوزراء، ثم في وزارة الحكم المحلي لولاية عدن. في العام 1966، عُيِّن سكرتيرًا لسلطة الضواحي بمدينة الشيخ عثمان، ومن ثم سكرتيرًا لسلطة الضواحي بمدينة عدن الصغرى (البريقة).
في أواخر العام 1967، استقال من عمله الرسمي وتفرغ للعمل الحزبي، حيث شكل البعثيون منظمة طلائع حرب التحرير الشعبية.
في نوفمبر 1969، أعلن البعثيون تبنيهم للفكر الاشتراكي العلمي كمنهج لعملهم، ما أدى إلى تشكيل ما سُمي بـ “منظمة البعث في اليمن الديموقراطية”. في أبريل 1974، تحولت هذه المنظمة إلى “حزب الطليعة الشعبية”، وكان لأنيس يحيى دور محوري في هذا التحول وانتُخب أميناً عاماً للحزب.
” الطليعة ضمن أحزاب ومكونات يسارية أخرى اتحدت وشكلت الحزب الإشتراكي اليمني”.
***
المناصب الوزارية
شغل أنيس حسن يحيى عدة مناصب وزارية هامة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، حيث كان وزيراً للاقتصاد والصناعة (1969-1975) ووزيراً للمواصلات (1973-1975) أثناء حكم الرئيس سالم ربيع علي. لاحقاً، شغل منصب وزير الثروة السمكية في أغسطس 1979، ثم نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للثروة السمكية (1980-1986) .
بعد قيام الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990، عُين مستشاراً لرئيس الوزراء، ثم انتُخب في الانتخابات البرلمانية عام 1993 كعضو في مجلس النواب، حيث ترأس كتلة الحزب الاشتراكي اليمني حتى حرب صيف 1994.
***
موقفه من القضية الجنوبية
يُعد أنيس يحيى من السياسيين الجنوبيين البارزين المؤيدين لبقاء اليمن موحداً، ولكنه يعتقد أن الحل الأمثل للقضية الجنوبية هو إقامة دولة اتحادية فيدرالية من إقليمين، شمالي وجنوبي. ويرى أن خيار الانفصال ليس الحل الأمثل لأنه سيفضي إلى تشظي الجنوب إلى عدة كيانات، وإلى تشظي اليمن عموماً.
***
المنفى والعودة
بعد حرب الانفصال عام 1994، اختار أنيس يحيى الإمارات العربية المتحدة منفى اختيارياً له وظل مقيماً فيها قرابة عشر سنوات. عاد بعدها إلى صنعاء في 15 أبريل 2004، ودعا لإصلاحات سياسية وإلى حوار شامل بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة بكافة توجهاتها وأطيافها السياسية للخروج من دائرة التخلف.
***
الحب للشباب والصداقة الأبدية
رغم تقدم عمره، يظل أنيس يحيى صديقاً مقرباً للشباب، يقدم لهم الدعم والإلهام. يعرف بمحبته العميقة لليمن والتزامه الدائم بقضاياها، داعياً للحوار والإصلاحات السياسية. يظل يحيى رمزاً للحب والتفاني من أجل الوطن، يجمع بين الحكمة والشجاعة، ويحظى باحترام واسع نظراً لالتزامه الدائم بالقيم الإنسانية والعدالة الاجتماعية.
***
الانتقال إلى القاهرة
بعد نشوب الحرب الأهلية اليمنية في مارس 2015، جراء الانقلاب الميلشياوي للحوثيين، انتقل أنيس يحيى للعيش في القاهرة بجمهورية مصر العربية ولا يزال مقيماً فيها حتى اليوم. يواصل نشاطه السياسي والفكري من هناك، ويظل صوته مؤثراً في الساحة السياسية اليمنية، داعياً دوماً إلى الوحدة والإصلاح والحوار.
***
أنيس حسن يحيى: رمز الوطنية والتفاني من أجل اليمن
أنيس حسن يحيى ليس مجرد سياسي؛ بل هو رمز للنضال والتفاني من أجل اليمن. يجسد القيم الإنسانية والعدالة الاجتماعية، ويظل صوته مسموعاً في كل مكان. يعتبر أنيس يحيى واحداً من أبرز الشخصيات في التاريخ اليمني، حيث أسهم بشكل كبير في بناء الدولة الحديثة وتوجيهها نحو الوحدة والإصلاح.
إنه صديق للشباب ومعلم لهم، يقدم لهم الدعم والإلهام، ويشجعهم على تحقيق أحلامهم والمساهمة في بناء مستقبل اليمن. يظل أنيس يحيى مثالاً يحتذى به في الوطنية والتفاني، ويستمر في نشر الحب والأمل في قلوب الجميع.
أنيس حسن يحيى، الرمز الكبير، يظل دائماً في قلوب اليمنيين، يشهد على تاريخه الحافل بالإنجازات والمواقف الوطنية النبيلة، ويظل نموذجاً يحتذى به في كل مكان وزمان.