في سطور

الروائي وليد دماج: سيرة روائي أدرك خطر الإمامة المتجددة وأثرها على اليمن!

إعادة.. في الذكرى الثانية لرحيله

الروائي اليمني الكبير، الراحل/ وليد دماج

أنا لا أصدق أن وليد دماج قد مات!

وُلِدَ وليد أحمد ناجي دماج في 10 مارس 1973 في قرية الجرفات، عزلة النقيلين، مديرية السياني بمحافظة إب، في وسط أسرة أدبية معروفة. تأثَّر وليد ببيئته الأدبية منذ صغره، حيث كان لديه وصول إلى مكتبة والده ومكتبات أخرى يملكها كبار أسرته، مما شكل قاعدة قوية لشغفه بالأدب والفن.

الدراسة والبدايات الأدبية:

رغم ٱهتمامه المبكر بالأدب، قرّر دمَّاج دراسة المحاسبة في جامعة صنعاء وحصل على درجة البكالوريوس. لكن، جذوره الأدبية القوية وتأثره ببيئته الثقافية دفعته للعودة إلى مجال الأدب. بدأ دماج بكتابة الشعر ثم انتقل إلى القصة القصيرة، ليجد أخيراً مستقره في عالم الرواية.

المسيرة المهنية:

شغل دماج العديد من المناصب الهامة، التي عمّدته كمسؤول نزيه منها:

– رئيس المكتب التنفيذي لصنعاء عاصمة الثقافة العربية 2004.

– مدير تنفيذي لصندوق التراث و التنمية الثقافية.

– مستشار لرئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.

_ شارك في الكثير من الندوات والفعاليات الأدبية والثقافية محلياً وعربياً، مما جعله شخصية بارزة في الوسط الثقافي العربي واليمني.

الأديب والروائي اليمني الكبير/ وليد دماج
الأديب والروائي اليمني الكبير/ وليد أحمد دماج

 

الأعمال الروائية:

تركَّزت أعمال دماج الروائية على التعمُّق في التاريخ اليمني

والأساطير، حيث قدمت رواياته رؤية نقدية وتحليلية للصراعات الفكرية و المذهبية في اليمن. من أبرز أعماله:

 

1. “ظلال الجفر” (2011):تناولت هذه الرواية الأساطير والتاريخ الإسلامي المبكر من خلال قصة بطلها الذي يبحث عن كتاب “الجفر” المنسوب لعلي بن أبي طالب. تعكس الرواية مدى ٱهتمام دماج بالتاريخ والأساطير وتأثيرها على الحاضر.

غلاف رواية ظلال الجفر

 

2. “هُــمْ” (2015): هذه الرواية كانت مختلفة على مستويي الشكل والمضمون، حيث قدمت بطلا مجنوناً تُطارده قوى خفية ضمن عوالم تتراوح بين الوعي والهذيان. هذه الرواية أظهرت قدرة دماج على التنويع في أساليب السرد واستخدام الخيال بطرق مبتكرة.

غلاف رواية هُم - وليد دماج
غلاف رواية هُم

 

3.”وقَش: هجرة الشمس” (2019): طبعة أولى في الجزائر طبعة ثانية خاصة تناولت هذه الرواية الصراع السياسي والطائفي في اليمن خلال القرنين الخامس والسابع الهجريين، حيث ناقشت صعود الطائفة “المطرفية” الزيدية وإبادتها من قبل الإمام عبد الله بن حمزة. هذه الرواية تعكس ٱهتمام دماج بالتاريخ اليمني ورغبته في تسليط الضوء على الصراعات الطائفية التي أثرت على اليمن.

غلاف رواية وقش “هجرة الشمس”

 

4. “أبو صهيب العزي”: صدرت عن “دار أروقة”، وهي من آخر أعماله التي شارك بها في معرض القاهرة الدولي للكتاب في 2019. وكانت أعلى مبيعات للمؤسسة حينها.

غلاف رواية أبو صهيب العزي - وليد دماج
غلاف رواية أبو صهيب العزي

 

 

 

 

التأثيرات الثقافية والسياسية:

عن قناعة انتمى وجدانياً للحزب الإشتراكي اليمني، رغم أن المناصب كان يسيطر عليها حزبي المؤتمر الشعبي العام الحاكم والتجمع اليمني للإصلاح ( الرديف)، في معارضته لشريك الوحدة اليمنية والذي تعرض لحرب ظالمة صيف 1994م .

 

كان دماج يدرك جيداً خطر الإمامة الغابرة والمتجددة، وآخرها المليشيات الحوثية – سيئة الصيت -، وتوجهاتها السياسية والدينية. لقد كتب بإدراك عميق حول التهديد الذي تشكله هذه المليشيات على اليمن وسعيها لجعل اليمن ولاية فارسية.

من خلال كتاباته، حاول دماج تسليط الضوء على هذه المخاطر، من خلال استحضار تاريخها المضرج بدماء اليمنيين، لتنبيه المجتمع المحلي والعربي والدولي إلى الأثر المدمّر الذي يمكن أن تتركه هذه المليشيات على مستقبل اليمن.

 

الجوائز والتكريمات

خلال مسيرته الأدبية، حصل دماج على عدة جوائز منها:

– درع الشعراء الشباب عام 2004.

– جائزة دبي الثقافية لعام 2011 عن رواية “ظلال الجفر”.

 

العودة إلى اليمن والوفاة:

رغم الصعوبات والتحديات، ظل دماج مرتبطاً بوطنه اليمن. ففي مطلع 2019، زار القاهرة للمشاركة في معرضها الدولي للكتاب، حيث عبّر عن ابتهاجه بتلك الزيارة، لكنه أبدى حزنه على الوضع المزري في اليمن. قال: “يُخصم من بهجتي هنا حين أعود للتفكير في الوضع المُزري الذي يعيشه وطني اليمن”.. ومع ذلك، أكّد رغبته العميقة في العودة إلى وطنه والالتصاق بمأساته الحديثة.

 

وبالفعل، عاد دماج إلى اليمن وظل ملتزماً بقضاياه حتى رحيله الفاجع في 19 أغسطس 2022 في مدينة عدن، إثر أزمة قلبية مفاجئة.

 

إرث وليد دماج:

تطالب انزياحات وزارة الثقافة اليمنية بإعادة طباعة أعمال هذا الروائي الفذّ بل والمخضرم.

فلقد شكلت أعمال دماج الأدبية إرثا غنياً ومتنوعاً، حيث نجح في تقديم رؤى نقدية وتحليلية للصراعات اليمنية من خلال رواياته.

بفضل شغفه العميق بالأدب والتاريخ، تمكن من تقديم أعمال روائية تعكس تعقيدات وتحديات الواقع اليمني. سيكون اسمه دائماً جزءًا من الذاكرة الأدبية والثقافية لليمن.

 

كان وليد أحمد ناجي دماج روائياً مبدعاً ومفكراً حقيقياً، أدرك خطر الإمامة ووجهها القبيح المتمثل حالياً بالمليشيات الحوثية، كما أدرك تأثيرها المدمر على اليمن ومستقبله.

بفضل أعماله الأدبية المتميزة، تمكن من تسليط الضوء على الصراعات والتحديات التي تواجه بلاده، محاولاً من خلال رواياته تقديم رؤى جديدة وتحليلات عميقة لهذه القضايا.

سيظل إرثه الأدبي مصدر إلهام للأجيال القادمة، وسيبقى ٱسمه محفوراً في ذاكرة الأدب اليمني كأحد أبرز روائييه.