كتب – سكرتير التحرير
الزعيم اليمني الكبير الذي لا يزال مصيره غامضاً منذ أحداث 13 يناير 1986 هو أحد الشخصيات البارزة التي تركت أثرا لا يُمحى في تاريخ اليمن. إنه الشاعر والمنظر الوفي لفكرة الوحدة اليمنية، التي راح ضحيتها، وكان المدني الأول في تأسيس الحزب الاشتراكي اليمني في الجنوب أثناء حكم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
***
ميلاده ونشأته
ولد الزعيم في بيئة متواضعة ونشأ في ظل ظروف قاسية، حيث عانى من الفقر والحرمان في جبال حيفان حيث قبيلتي الاغبري والاعروق. لكن طموحه لم يكن له حدود. اجتهد في دراسته في عدن وكان من الأوائل في مجاله، مما جعله ينضم إلى الحركة الوطنية في سن مبكرة. شغفه بالعلم والسياسة دفعه للانخراط في الحركات الثورية التي كانت تنادي بالتحرر من الاستعمار والإقطاعية.
***
دوره في تأسيس الحزب الاشتراكي اليمني
في فترة الخمسينيات والستينيات، برز الزعيم كأحد القيادات الشابة المؤثرة في الحركة الوطنية. انتمى مبكرا لحركة القوميين العرب. كان له دور كبير في تأسيس الحزب الاشتراكي اليمني، الذي كان بمثابة الأداة السياسية لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين كافة أبناء الوطن. لقد كان الحزب الاشتراكي اليمني مشروعا طموحا يهدف إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في الجنوب اليمني.
***
إسهاماته في الوحدة اليمنية
كان الزعيم من أبرز المنظرين لفكرة الوحدة اليمنية، التي كانت حلما يراوده منذ نعومة أظفاره. لطالما آمن بأن قوة اليمن تكمن في وحدته، وأن انقسام الشطرين الشمالي والجنوبي لن يجلب سوى الضعف والتبعية للخارج. كان يدعو دائما إلى توحيد الصفوف ونبذ الخلافات السياسية والطائفية، مؤكدا على أن الوحدة هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقلال الحقيقي والتنمية المستدامة.
***
الشعر والفكر
لم يكن الزعيم سياسياً فحسب، بل كان شاعراً متفرداً ومنظراً مبدعا. يشهد بذلك ديوانه ” نجمة تقود البحر” والقصيدة العامية الشهيرة ” “مخلف صعيب – تاج النهار”، التي لحنها وغناها الفنان الكبير محمد مرشد ناجي، استخدم الشعر كأداة للتعبير عن مشاعره الوطنية وأفكاره السياسية. كانت قصائده تنبض بحب الوطن والدعوة إلى التضحية من أجله. كما استخدم كتاباته الفكرية لنشر الوعي بأهمية الوحدة والقيم الوطنية، ولتوجيه النقد البناء للسياسات الخاطئة.
قصيدة “تاج النهار ” وتسمى غالباً “مَخلَف صُعِيِّب”
(1)
بَكّرت غَبش عاد الصباح ما حَنش
قُدَّام ضباب نصف الطريق ما بَنش
فوفي نكَاب جَنبي ضِيَاح مَوهِِنش
عاد الصباح يُولد ونُوُره ما شَنَش
مَخلَف صُعِيِّب لكن قُلَيبي ما هِنش
مَهمَا تِوجَّع في هواك ما أنش
(2)
شوق الصباح إشراقتُه شجونِك
يُمحي الغَسَق يمحي الضباب حَنينِك
تاجَ النهار ويعكسُه جَبينِك..
إلهام أحلامي بريق عيونِك.
مًخلَف صُعِيب لَكِن قُليبَي ما هَنش
مَهمَا تِوجَّع في هَواكِ ما أنش
(3)
يا قَبوةَ الكاذي ريحان قَلبي
يا بُنَّتِي وفُلَّتي وجَمر حُبِّي
وغنوتي ورقصتي وشَهدَ شُربي
أنتِ الحياة خُصيتي وشَمس دربي
مَخلف صُعيب لًكِن قُلًيبي ما هَنش
مَهمَا تِوجَّع في هواكِ ما أنش
(4)
روحي مَعك مَتخذُ لِش مًتًاعِب
شُتَظَللِّك في السوم في الشَواجِب
طَبع الغرام قَاولد العجائب
يا قِبلَتي شفديك بقلب راغب
مَخلَف صُعِيب لَكِن قُلَيبي ما هَنش
مَهمَا تِوجَّع في هَواكِ ما أنش
(5)
أصل الوصَال مًنقُوش في خيالي
قلبي جنَاح أسفل .. جناح عالي
رَفرَف عَليك هَيمان يَطويك ببالي
شَوصَل إليك مَهمَا الوِصَال غَالي
مخلف صعيب لكن قُليبي ما هَنش
مَهمَا تِوجَّع في هَواكِ ما أنش
ملحمة وطنية خالصة لوجه الحلم اليمني الكبير.. كم كنت بديع يا مرشدي..كم أنت خالد يا فتاح.
(أغنية تاج النهار – مخلف صُعيب)
***
أحداث 13 يناير 1986
شكلت أحداث 13 يناير 1986 نقطة تحول مأساوية في حياة الزعيم وفي تاريخ اليمن. كان لهذه الأحداث دور كبير في زعزعة استقرار الجنوب اليمني وأدت إلى موجة من العنف والانقسامات. منذ ذلك الحين، لا يزال مصير الزعيم مجهولا، حيث اختفى في ظروف غامضة. هذا الاختفاء أثار الكثير من التساؤلات والشائعات، لكنه لم يمحُ أثره الكبير في تاريخ اليمن.
***
يظل الزعيم اليمني الكبير رمزاً للنضال والوحدة، وتجسد شخصيته العظيمة الإرادة القوية والتفاني في خدمة الوطن. إنه مثال حي على كيف يمكن للفرد أن يترك بصمة لا تُمحى في تاريخ أمته من خلال الإيمان العميق بمبادئه والعمل الجاد لتحقيقها.
***
إرثه
رغم مرور عقود على اختفائه، لا يزال الزعيم يُذكر بفخر وإجلال من قبل أبناء اليمن. لقد ترك وراءه إرثًا من النضال والتضحية من أجل وحدة الوطن وكرامة الشعب. أثره في الأدب والفكر والسياسة لا يزال حيًا، وقدوة للأجيال الجديدة التي تواصل السعي نحو تحقيق الحلم الذي كرس حياته من أجله.
كلما نذكره، نتذكر معه أملنا في تحقيق الوحدة والسلام والتقدم لليمن الحبيب.
ألبوم الصور