كتب – رئيس التحرير
حمود صالح العَودي، من مواليد عام 1946م، يُعتبر أحد أبرز المفكرين والأكاديميين اليمنيين الذين ساهموا بشكل كبير في تطوير الفكر الديمقراطي واليساري في اليمن.
الأكاديمي والكاتب والاستشاري اليمني ذو الميول اليسارية ومن مؤسسي الحزب الاشتراكي اليمني.
وُلد في محافظة إب، مديرية النادرة – العود، وتخرج من جامعة القاهرة بدرجة الليسانس في الآداب، ثم حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من نفس الجامعة بين عامي 1977 و1989م.
حمود صالح العَودي يُعتبر مثالاً للمفكر اليمني الذي جمع بين النشاط الأكاديمي والسياسي والاجتماعي. رغم التحديات الكبيرة التي واجهها، إلا أنه استمر في مسيرته لخدمة اليمن والمجتمع اليمني. يُمكن لسيرته أن تكون درساً لنا جميعاً في الإصرار والعزيمة من أجل تحقيق الديمقراطية والسلام والتنمية واعمال العقل.
***
***
الحياة السياسية والأكاديمية
شغل العودي عدة مناصب هامة تراوحت بين منصب نائب وزير الشئون الاجتماعية والعمل والشباب الأسبق، مروراً بأستاذية علم الاجتماع في جامعة صنعاء (1975-2014) ورئاسة قسم الفلسفة بجامعة عدن (بين 1985-1989) وتأسيس قسم الاجتماع فيها عام 1988. كما أسهم إسهاماً مباشراً إلى جانب عمله الأكاديمي في جامعة صنعاء وعدد من الجامعات اليمنية كأستاذ ومحاضر ومشرف على عدد من رسائل الماجستير والدكتوراه والعديد من الأنظمة والبرامج العلمية الأكاديمية في جامعة صنعاء وتطوير مساقات البكالوريوس والدراسات العليا للماجستير والدكتوراه ودبلومات الدراسات العليا للبحوث الاجتماعية ودراسات المرأة والبحوث الاجتماعية والدراسات السكانية في قسم الاجتماع. وأسهم كاستشاري في إعداد التشريعات الخاصة بنظام السلطة المحلية اليمنية الجديدة، وأسهم كاستشاري في تأسيس مشروع المياه والصرف الصحي للمناطق الريفية (2002-2005)، ورأس المكون الاجتماعي فيه.
***
بدأ العودي نشاطه السياسي منذ الستينات، حيث شارك بفعالية في الانتفاضة الطلابية في تعز وصنعاء قبيل ثورة 1962، ثم في الدفاع عن الثورة والجمهورية من خلال الحرس الوطني والأنشطة الطلابية. وقد شارك في تأسيس الحركة التعاونية اليمنية منذ مطلع السبعينات وحتى بداية الثمانينات. انخرط في العمل السياسي من خلال حركة القوميين العرب والجبهة القومية والحزب الديمقراطي الثوري. الحزب الذي شكل لاحقاً مع عدة أحزاب يسارية اتحدت الحزب الإشتراكي اليمني.
***
لاحقاً، أسس وترأس هيئة تنسيق التحالف المدني للسلم والمصالحة الوطنية منذ عام 2015، ونجح في تشكيل تحالف واسع من النقابات العمالية والزراعية والغرف التجارية ورجال الأعمال والشخصيات الوطنية العامة ورجال الثورة اليمنية. عمل هذا التحالف على وضع مبادرة باسم المجتمع المدني لإنهاء الحرب والحل السياسي في اليمن، وحقق نجاحات ملموسة في حلحلة الملفات الإنسانية كصرف معاشات التقاعد ومرتبات جهاز الخدمة المدنية وفتح الطرقات بين المحافظات.
***
ترأس تحرير مجلة الغد التي كانت تصدر عن الحركة التعاونية اليمنية ايام فترة الرئيس ابراهيم الحمدي.
***
تكفيره وفراره
من يتصور أن قيادات من الاخوان المسلمين حينها اقتحمت جامعة صنعاء ورفعت السيف على الدكتور حمود العودي.. إذ وصل الأمر إلى ملاحقته في أروقة كلية الآداب بالسيف وترديد الله اكبر وهي تجري خلفه، ولولا حماية الطلاب له لكان صريعا لامحالة.
في منتصف الثمانينات، اتُهم حمود العودي بالكفر والردة عن الإسلام وصدر بحقه حكم بالإعدام، مما اضطره للفرار إلى عدن والتنقل بين عدة بلدان عربية. هذه الفترة كانت نقطة تحول في حياته، حيث استمر في نشاطه الأكاديمي والسياسي بالرغم من التحديات الكبيرة التي واجهها.
تفاصيل حادثة التكفير:
في سبتمبر 1980، أصدر الدكتور حمود العودي كتاباً بعنوان: (المدخل الاجتماعي في دراسة التاريخ والتراث العربي – دراسة حول المجتمع اليمني).
وبسبب هذا الكتاب تم اتهامه بالردة والكفر… ففي 17 يناير 1985، تقدم حمود هاشم الذارحي ومحمد طارش عبدالله ومحمد علي المؤيد وعمر أحمد سيف إلى النيابة العامة، بدعوى احتساب ضد د. حمود العودي، بأنه “صدر منه في مؤلفاته التي اطلعنا عليها: الكفر بالله والاستهزاء به، الكفر بالقرآن، الكفر برسول الله، صلى الله عليه وسلم، وإنكار عصمته وتكذيبه، إنكار الغيب والاستهزاء بمن آمن به، الطعن في الإسلام، الطعن في الصحابة، اتهام اليمنيين بالكفر والنفاق، الترويج للشيوعية والدعوة لها والتمجيد لزعمائها، تمجيد المرتدين بقيادة الأسود العنسي”. وطلبوا إلقاء القبض عليه والتحقيق معه ومحاكمته، مبدين استعدادهم لتقديم الأدلة.”
أحال النائب العام الشكوى إلى رئيس نيابة صنعاء، فأخذت أقوال أحد المحتسبين.
وفي الـ22 من الشهر نفسه، أخذت أقوال المتهم، فتبرأ مما تضمنته الدعوى. ولكن في اليوم نفسه، عاد د. العودي إلى منزله ليتلقى اتصالاً هاتفياً يقول: “لقد قضي الأمر، ولن تقبل توبتك التي وعدت بها في الصباح، ولا دفاعك، فقد لا ترى صباحاً بعد اليوم”.
إنها محنة المفكر في بلد يكتظ بالتخلف والنقل وعدم الابداع.
***
إصداراته
للعودي العديد من المؤلفات التي تعكس فكره العميق وتحليله الدقيق للمجتمع اليمني. من أبرز كتبه:
– الشباب وإنجازات السلام (1972)
– المنظور العلمي للثقافة: دراسة عن المجتمع اليمني (1973)
– الجديد في التراث وعلاقته بالتنمية (1976)
– التنمية وتجربة العمل التعاوني في اليمن (1977)
– عن الديمقراطية والديمقراطية التعاونية في اليمن
– التراث الشعبي وعلاقته بالتنمية في البلاد النامية: دراسة تطبيقية عن المجتمع اليمني
– المدخل الاجتماعي في دراسة التاريخ والتراث العربي: دراسة عن المجتمع اليمني.
– التركيب الطبقي للمجتمع اليمني ومتغيراته خلال عقدي الستينات والسبعينات
– المجتمع اليمني: دراسة في التكوين الاجتماعي والاقتصادي القديم
– المحاكمة: من محكمة الصمت إلى محكمة التاريخ (جزأين)
– نظرية الفائض في جدلية التطور الاجتماعي من المشاعية إلى العالمية
– نظرية الفن والأدب من منظور اجتماعي (جزأين)
– العنف والتمييز الاجتماعي بين أشكاله الثقافية وأبعاده السياسية والاجتماعية
– الهوية الثقافية الوطنية في اليمن: أبعادها النظرية والقومية العامة ودلالاتها الموضوعية الخاصة
– “مراحل نمو وتطور العمل التعاوني في اليمن بين مصداقية التعاونيين ومناورات السياسيين”
– “التاريخ الاجتماعي للتغيير الثوري في اليمن والبلدان النامية”
– “المثقفون في البلدان النامية”
– “المشهد الوطني في اليمن خلفياته وحيثياته وآفاقه المستقبلية”
– “ماضي ومستقبل العمل التعاوني في اليمن”
***
العودي: “لامستقبل للحركة الحوثية مهما ادعت لنفسها من حقوق أرضية وسماوية”
يرى الدكتور حمود العودي ألا “مستقبل للحركة الحوثية مهما ادعت لنفسها من حقوق أرضية وسماوية”
ويستطرد: الحركة الحوثية أو أنصار الله هي جزء من مخرجات تركات الواقع الذي تسبب فيه الفساد وقبيلة الدولة للأسف الشديد، ومثلما يجب أن يفهم الناس أن الحركة الحوثية بدايتها هي صنعة سياسية خرجت من القصر الجمهوري سابقاً وليست من دماج أو مران، وكان يراد منها أن تشكل حجر عثرة وقوى مضادة للإصلاح وللاشتراكي الذي بدأ يتمدد في المحافظات الشمالية، ولكنها استعانت بالأسوأ، فبدلاً من أن يتمدد المؤتمر وينافس ويكسب ويعمل لصالح هذه المنطقة التي حرمت من كل شيء، بدأ يفتح هذا القبو المتخلف، مناديا” شدوا حيلكم يا زيود”!! شغل رديء ودنيء للأمانة.
ثم يشرح الدكتور حمود العودي أنه “في البداية كانت بدايتها طيبة وجيدة ونافعة أيضاً، وذلك من خلال حركة الشباب المؤمن، حين فكر مجموعة لتأسيس جماعة فكرية ثقافية وكان على رأسها الأخ محمد يحي عزان والأخ الدكتور عبد الكريم جدبان الذي اغتيل سابقاً، رحمه الله، هذه الحركة بدأت تنشط فكرياً وثقافياً، وبدأت تنعش الجوانب الإيجابية في الفكر الزيدي وفي الفكر الديني اليمني المنفتح، من أجل أن توجد نوعاً من الحراك الثقافي الفكري الحضاري الإيجابي، لكن لأنهم انتهجوا الفكر والثقافة والعلم فهذا ما لم يعجب الطرف الآخر، وقال: نحن لا نريد مفكرين أو مثقفين أو فقهاء يفتون في الفكر والسياسة وفي الفلسفة، نحن نريد أناساً مصارعين، أناساً مقاتلين، فجاء حسين بدر الدين الحوثي وانسلخ بجزء من الحركة، وبالتنسيق مع علي عبدالله صالح، وبدأ ينتهج نهج العنف والهرجلة والهوشلة هذه التي يعيشونها ويغيبون فيها العقل والفكر والمنطق والرأي والسياسية ويبحثون عن مجاميع منفعلة ومتوترة عصبية ومستعدة للموت من أجل الوهم، بدأت تتبنى أفكاراً مما قبل التاريخ، ولا تتوافق مع أبسط مقاييس العقل.”
وبحسب شعوره قال:
“أشعر والله بألم شديد لاستغلال أوجاع الناس وأوضاعهم المزرية في التنمية والتعليم والتعبير عن الرأي والعيش السليم من أجل مصالح خاصة لفئة أو جماعة، للأسف تم تدمير محافظة بكاملها، تم تدميرها من جميع الجوانب لكي نصل بالناس فيها إلى هذا الوضع، حولنا الناس إلى حالة من الهوس، الذين لا يختلفون عن الطاعنين أجسادهم فوق القبور من الصوفية!”