أعجبتني عبارة للمؤلف في مطلع الكتاب قال فيها: “لا أؤمن عادةً بانتظار الفُرص، إنّها سِمة العاجز غالبًا، أنت من تصنع الفُرص لا هي من تصنعُك.” وأردّدُ قول أمير الشُعراء أحمد شوقي:
وما نيلُ المطالبِ بالتمنّي
ولكن تؤخذُ الدنيا غلابا
وقد شرعت في قراءة الكتاب المهم الذي شرح حقيقة النظرية الهادوية التي استعادت كل شيء، ولم تعرف السلام أو السلم يوما في تاريخها.
إن تناول مثل هكذا نظرية من المنظور النفسي، يُسهِّلُ علينا أن نعمل على تخليص الأتباع من الوقوع في شِراكها وتقليص انتشارها في أوساطهم.
إنّ مرض البارانويا (جنون العظمة) مرضٌ ذُهانيّ نفسيّ يُصابُ به الشخص، خصوصاً بارانويا الاصطفاء التي أُصيبت بها الطائفة اليهودية، والعلويون (الساسانيون) وما الهادوية إلا امتداد للعلويين الذين كانوا ينقلبون على الدولة حال اجتماع عشرين فرداً منهم فقط، مهووسين بالوصول إلى السلطة.
ومن يتابع جنونهم العبثي من لدن الهالك يحيى الرسي، فالقاسميين، فالحمزات، فأحمد بن سليمان، فالمُطهّر بن شرف الدين، فبيت حميد الدين، وحتى آل بدر الدين، يجد الإجابة واضحة فيما حلله المؤلف الأحمدي، وأجاب عليه، بتسلسل منطقي تاريخي مستعيناً بمناهج البحث النفسي التي اتخذها أداة للتحليل.
إن قراءة النفسية الهادوية من المنظور الذي حلله المؤلف تضعها على مشرحة الحقيقة وحدها، ومن ثم يسهل استئصالها واستئصال أفكارها الهدامة التي تعتقدها الجماعة، وهي خرافات وأساطير توارثوها جيلاً بعد جيل، وحملها القطيع الجاهل الذي مثل وقودها وحطبها في كل دورات الصراع التاريخي. ولولا هذا القطيع الجاهل ما استطاعت أن تصمد سنة واحدة أبداً.
هذا بحث من أهم الأبحاث التاريخية التي صدرت، ولم يسبق إلى موضوعها أحد أن تناولها من منظور علم النفس. صحيح أن هناك مؤلفين وكتابًا تناولوا الفكر الإمامي؛ لكن التناول من منظور علم النفس جديد، وقد سبق إليه المؤلف الأحمدي، وعبر مركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام، وسيكون فاتحة لبحوث أخرى في هذا الجانب.
إن عقل القطيع المؤطر يصعب محاججته بالمنطق وبالدليل العلمي، بدليل أنك قد تجد بروفسورًا في الفيزياء أو الطب أو الهندسة وهو في نفس الوقت يسجد للبقرة، وهذه مشكلة التنشئة من الطفولة، وهو ما يجعلنا أمام مسؤولية مستقبلية في تحصين أجيالنا من الخرافات والأساطير.
وأخيراً أنصح القارئ الكريم بقراءة هذا الكتاب، لمعرفة حقيقة النظرية عن قرب، وأشكر الكاتب على هذا الجهد الذي بذله. كما أشكر مركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام على مجهوداته الكبيرة في خدمة القضية الوطنية، ونشر مثل هذه الكتب المهمة التي أنارت لنا طريق الحقيقة.