كتب

احمد السلامي.. شاعر الحداثة الذي يعيش النص ويكتبه

انزياحات

 

كنت قرأت لأحمد السلامي قبل ١٥ سنة لأول مرة مقدمة ديوان فتحي ابو النصر كتبت المقدمة بطريقة غير مسبوقة كما لو أنها نحت في مسلات الزمن وإن أختلفت مع تهكم بدافع تمرد أجيال عن الدكتور المقالح.. اخبرت أحمد ذات مقيل في شارع هائل أني احب المقالح وأجله وضحكنا بتقبل بعضنا

 

منذ عرفت احمد لفت انتباهي أنه يعيش القصيدة ويكتبها قصيدة النثر التي يكتبها والمقال الذي يكتبه ايضا نص حديث يقنع حتى امرؤ القيس بشعرية القصيدة الحديثة والموسيقى الداخلية بعيدا عن تعميمات وزارة داخلية القصيدة العمودية التي تعد المنجم الخالد للشعر دونما الغاء من العموديين للنص الحديث..

 

في أحد الإتصالات المطولة بيني وبين أحمد في نقاش يخص المسألة الحياتية والوطنية.. قلت له رنين الشعر حاضر في حديثك الإعتيادي وإن كنت تتحدث عن عمود الإنارة او فواتير الكهرباء لايخلو من لمسة شاعرية في تعقيب ما او وقف او سكتة لطيفة ضحك وقتها وختمنا المكالمة

 

ابتهجت بصدور ديوان أحمد الجديد بشاعرية عنوان غلافه وبشاعرية أحمد الذي يغمرنا فنه ولم يجرحنا موقفه.. فشاعر الحداثة القادم من جبال اللوز الحيمة التي زرتها ووصلت لقرية أحمد في عرس كمال السلامي وسألت عن أحمد.. الذي اعرف انه ترعرع بصنعاء وبات الواجهة الثقافية لصحيفة التجمع الذي ارتبطت بالجاوي كحزب ومنتدى

 

الديوان يحمل فلسفة أحمد الشعرية وربما الحياتية.. لديه نفور من البراويز ويبتهج بمغادرة الأطر المكبلة والإطارات اذكر مقابلة اجراها معي في عددين بصحيفة التجمع قبل ١٠ سنوات كان يضع حديثي عن الأيدليوجيا السالبة للوطنية اليمنية عناوين فرعية واليوم ابتهج بلوحته التي غادرت أطارها… واحتفي بفنه الشعري ومنجزه الشخصي كصديق

***

مختارات من المجموعة

 

1

[ «مُغْلَق للتَّوْبَة»

أُرافِقُ اليَأسَ كُلَّ يَوْمٍ/ نُمارِسُ معًا رِيَاضَة الصَّمْتِ/ ونتسَلَّى بِجَمْعِ القَلَقِ/ نَلْتَقِطُ الخَطَوَاتِ الَّتِي تَشِي بِهِ/ نَحْشُرُهَا فِي عُلَبِ صَمْغٍ/ لَعلَّها تَبْقَى حَبِيسَةً/ لَكِنَّنَا نَتَعَثَّرُ بِهَا مِنْ جَدِيدْ. / أرَافِقُ اليَأسَ/ فَأَكْتَشِفُ أنَّه يَسْبِقُنِي نَحْوَ الأمَل بِخطْوَةٍ/ أحْسدُه على أصْدِقَاء السُّوءِ الجَيِّدِينَ/ أخْبِرُهُ بِذَلِكَ عَقِبَ الانْتِهاء من جَوْلَتِنَا/ ثُمَّ نَفْتَرِقُ/ يَـمْضِي مُثْقَلًا بِرَغَبَاتِهِ/ يَهْرُبُ إلَيْهَا لِيَدْفِنَ الفَائِضَ مِنَ القُنُوطِ/ وأمْضِي إلى عَالَمِي المُتَشائِلِ/ أهَدْهِدُ أيامِي بِرِفْقٍ/ وأحْرُسُ فِي رأسِ مَصْنَعَ نَبِيذٍ/ مُغْلَقٍ للتَّوْبَة!».]

 

2

وقد استهلّ الشاعر نصّ العنونة ـ هذا ـ مخاطبا فيه القديس الدّعي:

 

[ما أعرفه تماما

 

أنك تنتمي لفصيلة البشر

 

تيَقّن من الأمر بنفسك

 

انتزعْ ملامحك بهدوء

 

من داخل تلك اللوحة

 

التي تظن أنك بداخلها

 

وحين تستعيد ظلك

 

تأمل اللوحة من خارجها

 

يمكنك الاقتراب أكثر

 

سترى أن الأنبياء والقديسين في اللوحة

 

لا يفتقدون صورتك

 

لأنك لست واحدا منهم]

 

3

في نص «الجحيم»:

 

[كل أولئك

 

الذين جلبوا الجحيم إلى حياتنا

 

يحلمون بالجنة]

 

4

ومضةُ «السلام»:

[من بين غبار المعارك

وبعد كل حربٍ

يطل السلام حزينا ووحيدا

لا تلتفتُ إليه

إلا عيون القتلى]

 

5

[سيرتبك المرضى بالحرب عندما تحط رحالها فجأة

سترتجف أصابع مَنْ أدمنوا الكتابة عن الانتماء للمقابر

سيعيدون تعريف الوطن بأنه الذي يجب أن يُحارَب إلى الأبد.]

 

 

المصدر: من صفحة الكاتب على فيسبوك